التوبة رعاية

التوبة

المذنبون ليسوا سواء في الاستعدادات والقابليات ، وأسباب التوبة ليست واحدة بالنسبة لهم ، فهناك من يتوب توبة نصوحاً لأن الله تعالى كره إليه المعاصي فأخذ يجد في قلبه ظلمتها وكآبتها وكدرها , وهذا نوع من الرعاية والعناية لمن احبهم الله لصفاء قلوبهم وتطلعهم للكمال ، وهناك من يتوب بسبب الخوف من الذنوب أن تنفضح، فيخشى على نفسه من أخطار الفضيحة ، ولو ضمن الستر لما تاب ، وهذه توبة في الظاهر، وليست توبة في الباطن ، لانعدام الندم والألم القلبي، وصاحبها سرعان ما يعاودها ، وهناك التائب بسبب خوف من العقاب عند الله، ولابد من تجديد الحديث عن عقوبة المذنبين، لتخويفهم من عقاب الله الذي ينتظر المذنبين الذين يفعلون المحرمات التي أمر الله باجتنابها.

والمهم في أمر التوبة هو الكف عن الذنوب، والالتزام بطاعة الله فيما أمر به ونهى عنه، ولا يسأل العبد عن سبب توبته، فذلك أمر خاص بالعبد، والتوبة كلها خير، والتائب يستحق التشجيع، لكي يقدر على مفارقة شهواته وعوائده، ويقبل من التائب أن يتوب على مراحل متعددة، وأن يتوب عن بعض ذنوبه، ما يقدر عليه أولاً , ثم يتدرج في التوبة خطوة خطوة.
ويجب أن تفتح أبواب الأمل أمام التائبين مهما فعلوا من آثام وارتكبوا من جرائم، لأن الغاية هي الإصلاح، وليست هناك ذنوب لا تقبل التوبة، فما كان لله فالتوبة مقبولة ، وما كان للخلق فلابد من مراعاة حقوق الخلق، لئلا يقع الظلم عليهم.

وهناك ايات قرانية وأحاديث نبوية كثيرة تحض على التوبة، وتفتح الأبواب أمام التائبين، ولا حدود لقبول التوبة، والتوبة الصادقة النصوح مقبولة ومحمودة، والتائبون مقربون إلى الله ومن تاب عن الذنوب كمن لا ذنب له، والتوبة لها نور يضيء القلب، ويشعره بالسعادة والطمأنينة.
وليس هناك يأس ولا إحباط فالتوبة بداية عهد جديد، لأنها رجوع إلى الله، ورجوع عن الطريق المبعد عن الله إلى الطريق الذي يقود إلى الله… طريق الكمال والاستقامة.
ولولا رعاية الله للتائبين لما وجدوا حلاوة التوبة في قلوبهم، ولا وجدوا نورها يضيء طريقهم إلى الله.. فالتوبة يقظة بعد غفلة، وهي يقظة رعاية في لحظة نورانية هبت نسائمها على قلوب استعدت لقبول ذلك النور بما اختزنته في أعماقها من تعلق بالكمال وكراهية لكل ما يناقض ذلك الكمال الذي أمر الله به للارتقاء بمستوى السلوك الإنساني إلى الأفق الذي ارتضاه الله لعباده.

( الزيارات : 3٬093 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *