الحداثة ليست نقيض الدين

  كلمات مضيئة.. الحداثة ليست نقيض الدين

تأملت كثيرا فى مفهوم الحداثة كما يسميها كثير من الفلاسفة والمفكرين , والحداثة كما افهمها ان نعيش عصرنا ونهتم بقضاياه ومشكلاته , الانسان هو النقطة التى يكون منها الانطلاق , معظم الناس يعتبر العقل هو المعيار لانه الاداة للفهم , وانا اسميه الانسان بكل ما يملك من قدرات على التفكير , العقل هو مجموع قدرات ذات مصادر متعددة تمكن العقل من اداء مهمته , والانسان كما هو وبما يملكه من قوى وحواس وذكريات وغرائز  ظاهرة او خفية هي التى تسهم فى  تكوين الاختيارات والقناعات والسلوكات , الانسان هو المخاطب وهو المؤتمن على ما يخاطب به , لست مع ذلك التغالب والتدافع بين الافكار قديما وحديثا وبين ذلك التفريق بين  المعرفة العقلية البرهانية  والمعرفة العرفانية والالهامية  , ما يصدر عن الانسان هو فكره واختياره , ولا يعنينى كيف توصل الى ما وصل اليه , اننى احكم على الفكرة بذاتها مجردة عن مصدرها فاما ان تكون صحيحة او فاسدة , والحكم على الافكار ليس واحدا , اما ان تكون تلك الافكار مقبولة من وجهة نظرالاخرين  او مرفوضة , تعالوا نحكم على الفكرة نفسها ولا يعنينى امر صاحبها , كل ما يصدر عن الانسان وليس مقلدا فيه لغيره فهو امر يمثل الحداثة ويعبر عن زمنه كما يراه , الفكرة لا يمكن ان تصدر خارج زمنها والا كانت متكلفة , كل جهد انسانى يعبر عن زمنه , قد ينفرد به صاحبه ولكن لا يمكننى ان انكر حقه فيما توصل اليه نتيجة التامل , من اجتهد صادقا  فيجب الانصات له ولو كان مخطئا فيما وصل اليه , لكل مجتمع خصوصيته , المجتمع المتخلف يعبر عن واقعه كما يراه , لا احد يمكنه ان يفرض الحداثة على من لم يعش قضاياها بنفسه , الفكر وليد عصره ويعبر عن مجتمعه , لا يمكن للمرآة ان تكون مسؤولة عما يكون عليه صاحبها من شحوب , ليست هناك معرفة عقلية ومعرفة عرفانية , هناك معرفة انسانية واحدة ولها وجهان احدهما مادى مرتبط بالمصالح والاخر روحانى اسمى  وارقى هدفا وهو الذى يقربه الى الله  , كل معرفة تعبر عن صاحبها كما هو , لا يمكننا ان نفرض الحداثة على من لم يعش  قضاياها , كل فرد يعبر عن ذاته كما هو , لا يمكن ان اطلب من اي فرد ان يرتدي ثوبا لا يحبه او ياكل طعاما لا يستلذه او يقتنع بامر لا قناعة له به , الحداثة ليست ان نختار حداثة الاخرين ولا ان ترتدي ثوبهم لانه اجمل ,  من العبث ان تقنع اي احد بان ياكل مالا يحب , مشكلة المفكرين ان كل فريق يرى الحق فىما يراه الافضل , ما يصدر عنك من افكارك لا يمكنها ان تنهض بك الا كانت صادرة عنك وملائمة لك , من الصعب علينا ان نضع معيارا نفصل فيه بين ما هو عقلى وعرفانى من المعارف , ما نقتنع به يجب ان يكون صادرا عنا و ان يكون  مستمدا منا ويعبر عنا , لكل عصر قضاياه , عندما نناقش قضايانا بحرية ونجتهد فى التوصل الى حلول ممكنة فهذه هي الحداثة , ليست الحداثة ان نلغى ذاتنا ونتجاهل ما نحن عليه , التكليف متجدد ولا يتوقف وانت مؤتمن على ماكلفت به و ان تبحث فيه عن الحق , لا يمكننا ان نتوقف عند حدود التراث ولا نتجاوزه فهذا منهج خاطئ لاننا قصرنا فى فهم معنى التكليف , فالتكليف يتجدد فى كل لحظة وهو خطاب لا يتوقف , نتعلم من جهد الاجيال ما ينفعنا ونختار منه ما نحتاج اليه , ليس المهم ان نختار كل شيء من جهد السابقين ونقلدهم فيما كانوا عليه , المهم ان تستمر مسيرة الاجيال لكي تغنى ذلك التراث بجهد كل الاجيال , لا سلطان لجيل سابق على لاحق ولا للاحق على سابق فيما اختاروه لانفسهم , ذلك عصرهم وهم احق به , وعصرنا هو لنا ونحن احق به , وتستمر رسالة الدين هادية لكل جيل ان يلتزم بثوابت الدين واصوله ويجتهد فيما كلفه الله به من امر دنياه ان يدافع عن كرامة الانسان  وحقوقه وان يحقق العدالة ويحرم الظلم وان يلتزم الانسان بما امره الله به من العمل الصالح  ومحبة الخير لكل الاخرين  

( الزيارات : 773 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *