الدروس النبهانية

أنواع المجالس:

تختلف المجالس بحسب طبيعتها وزمنها والحاضرين فيها، وتنقسم إلى قسمين:

أولاً: مجالس الدروس:

وهي مجالس ذات مواعيد مسبقة، ويحضرها من أُعدَّت لهم دون غيرهم، وقد يقرأ فيها كتاب، وتشرح أفكاره، وتبيَّنُ معانيه.

وتشمل الدروس ما يلي:

ـ درس النساء، وهو أقدم الدروس، ويتم هذا الدرس مرتين في الأسبوع، يوم السبت ويوم الأربعاء قبل الظهر، ويلقى في جامع الكلتاويّة، وتحضره مئات النساء وبدأ منذ وقت طويل، وربما استمر أكثر من ثلاثين سنة في حياة الشيخ، وما زال مستمراً حتى الآن في مواعيده، وتحضره النساء وتسمع دروس الشيخ مسجَّلة، وكل من كان يحضر هذا الدرس في حياة الشيخ استمرَّ في حضوره ويحضرن هذا الدرس كما كان، وبالتزام كامل الأدب أثناء سماع الدرس.

وكان الشيخ يحرص على درس النساء ويعتبر المرأة ركناً أساسياً في إصلاح المجتمع، لأنّها تربّي الجيل، وتعدُّه للمستقبل، فإذا صلحت المرأة صلحت الأسرة وصلح الأولاد، ولا يقلّ وفاء النساء للشيخ عن وفاء الرجال، ويحضر هذه الدروس سيدات فاضلات ملتزمات بقيم الإسلام وهن رضعن لبان هذه التربية من الشيخ مباشرة، وبعضهنَ خريجات من الجامعة وعلى ثقافة عالية، وهنّ ملتزمات بفكر الشيخ ومنهجه التربوي، وهو منهج لا يقبل فيه التساهل سواء في التزام الحجاب الكامل أو في روحية التربية على طريقة الشيخ، وبالرغم من أنَّ معظم النساء اللواتي أخذَن التربية من الشيخ مباشرة قد انتقلن إلى رحاب الله فإنَّ أولادهنَّ من الأبناء والبنات ممن لم يجتمعن بالشيخ في حياته قد رضعن من أمهاتهن حب الشيخ والالتزام بمنهجه التربوي والروحي والسلوكي.

ـ درس للعلماء، وهو درس يحضره العلماء وطلاب العلم فقط، ولا يحضره غيرهم، ويقام هذا الدرس يوم الأحد بعد العصر، وقد بدأ هذا الدرس في حياة الشيخ بطلاب العلم، وما زال مستمراً في موعده، ويحضره عدد كبير من العلماء وطلاب العلم من خريجي دار نهضة العلوم الشرعية التي أنشأها الشيخ في جامع الكلتاويّة، ويسمع العلماء فيه دروس الشيخ المسجَّلة تعبيراً عن حبهم للشيخ وتعلّقهم بمنهجه ووفاءً له.

درس للأطباء والمهندسين، وكان الشيخ يخصص لهؤلاء يوماً في الأسبوع يجتمع بهم، ويوجههم بما يتلاءم مع تخصصاتهم، ومعظم هؤلاء ممن تربوا في طفولتهم على أيدي الشيخ وتأثروا بمنهجه.

ثانياً: مجالس المذاكرات:

وهي مجالس دائمة ومستمرة، ولا وقت لها في نهار أو ليل، في حضر أو سفر، والشيخ لا يفتر عن التوجيه والبيان والنصح، وهذه رسالته في كل وقت، ولا شيء يشغله عن هذه الرسالة، ولا حديث آخر يستميله، وكان من عادته أن يخرج بعد صلاة العصر من داره يرافقه بعض إخوانه إلى مزرعة أو بستان أو كرم يمشي لمدة كافية، ثم يجلس مع إخوانه في مجلس المذاكرة إلى المغرب أو العشاء، وكان هناك مزرعة لأحد إخوانه في المنطقة الغربية من المدينة وكان يخرج إلى هذه المزرعة في كل يوم بعد صلاة العصر إلى المساء، ويجتمع إخوانه هناك، حتى إذا جاء المساء عاد إلى داره، وتنعقد مجالس المذاكرة في تلك الجلسات المسائية.

ولم تكن أمور الدنيا تشغله عن مجالسه، وكان يضيق بها، وكأنها تعكّر صفاءه، ولا يريد التفكير فيها بالرغم من سعة أعماله، فالعمل لديه أداء لواجب، وكان يأخذ بالأسباب كأحسن ما يكون الاتقان ثم يلتفت إلى ربه، وكأن الرزق لا يعنيه في شيء، فالله هو الرزَّاق.

( الزيارات : 1٬147 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *