الدكتور نورى معمر

:

هو أول شخص يحمل درجة دكتوراه الدولة من دار الحديث الحسنية عام 1978 ، وكان هذا اليوم من الأيام الخالدة في تاريخ المؤسسة بعد مضي خمسة عشر عاماً على تأسيسها ، وواجهنا في ذلك اليوم تحديات قاسية ومواجهات صعبة ، وكان البعض يرفض هذه الخطوة ، ويسعى لإبقاء الدار في مستوى المعاهد التثقيفية التي تغني طلابها بخبرات محدودة ..

لم تكن القوانين قد اكتملت ، ولم يكن من المتوقع أن تكتمل ، وكان البعض يحرص على إبقاء الأمر على حالـه ، لكي تظل المؤسسة في أوضاعها المتواضعة ..

عندما جاءني الباحث نوري معمر من مدينة تطوان لكي يطلب مني تشكيل لجنة علمية لمناقشة أطروحته لم يكن بإمكاني أن أرفض طلبه ، فهو طالب دخل إلى الدار بطريقة قانونية وسجل أطروحته بطريقة قانونية ، ولم يكن من حقي أن أرفض طلبه ، ولما استشرت الوزير الحاج محمد باحنيني رفض الموافقة على ذلك لأسباب غير قانونية ، وكنت مسؤولاً أمام الطالب وأمام كل الآخرين ، ولماذا سمحت المؤسسة لهؤلاء بالتسجيل إذا لم تملك الحق في القبول ، ولماذا قبلت الطلاب وهي لا تملك الحق في مناقشة أطروحاتهم ، وبعضهم كان موفداً من حكوماتهم بطريقة رسمية للحصول على الدكتوراه ، ولما ناقشت الوزير المختص رفض إجراء أية مناقشة ، ولم يكن بالإمكان قبول ذلك ، لأنَّ هذا سيسيء لسمعة المؤسسات العلمية ولمصداقيتها .

واتخذت قراراً بمناقشة الأطروحة أولاً ، وشكلت لجنة للمناقشة ، واعتذر بعض أعضائها خوفاً من الوزير ، وأعدت تشكيلها من جديد ، وتم الإعلان عن ذلك وحضرت وسائل الإعلام الرسمية كالإذاعة والتلفزيون لتسجيل مناقشة أول أطروحة ، ودعوت بعض السفراء والوزراء وكبار المسؤولين والعلماء وتمت المناقشة في الموعد المقرر .. كان حدثاً كبيراً في تاريخ المؤسسة ، وغضب الوزير باحنيني وأعلن الحرب عليّ شخصياً ، واعتبر ذلك تحدياً لـه ..

وتحملت مسؤولية ذلك القرار ، شعرت بالفرحة وهيأت نفسي لكل المفاجآت ..

وتجاهل الملك الأمر ، وكانت تلك إشارة بالموافقة على هذه الخطوة ..

قدمت الباحث نوري معمر الذي أعد أطروحته عن بقي بن مخلد شيخ المحدثين في الأندلس ، وتمت طباعة هذه الأطروحة كما طبعت أطروحته الأخرى عن ابن وضاح القرطبي ” .

وبذلك بدأت مسيرة الدار العلمية ، وأصبح كل من يلقاني يشجعني ، ويدافع عن هذه الخطوة ، وتتابعت مناقشات الأطروحات العلمية ، كان الباحث أحد أساتذة دار الحديث الحسنية واستمر في عملـه إلى أن بلغ سن التقاعد ..

ذلك هو الموقف الأول والأقوى في تاريخ دار الحديث الحسنية ..

( الزيارات : 2٬358 )

One thought on “الدكتور نورى معمر

  1. بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد.

    عذرا سيدي الفاضل ، ربما تقولوم تأخر الرد كثسرا ، لكني أنا طالب من المبتدئين ، و كنت أبحث فأعجبني ـ بل أبهرني هذا الموقف الشجاع / لا باس من المحن ، و بقي العمل و الأثر خالدين ، شكر الله لك و أكثر من أمثالك الذين خدموا هذا البلد الأمين و مسيرته العلمية.

    متعك الله أستاذنا الفاضل بالصحة و العافية و طول العمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *