الدين والسياسة.

كلمات مضيئة.. الدين والسياسة  .

عندما اتتبع صفحات من التاريخ الاسلامى  ارى الكثير من المواقف والصراعات السياسية والقومية استخدم فيها الاسلام كأداة للتميز او التغلب او تحقيق الانتصار على الآخر , وكان التوظيف السياسي للدين فى معظم الصراعات والمنافسات وادى ذلك الى ظهور فرق وطوائف ومذاهب , مازال مجتمعنا يدفع ثمن ذلك الانقسام , وكان كل طرف يحاول ان يقيم الحجة على ما هو فيه من النصوص , فان لم يتمكن تأول تلك النصوص واستنبط منها ما اراد وما يخدم الهدف الذى يريد , كان الانقسام الاول الذى اعقب الفتنة الكبرى وهي مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان وما اعقب ذلك من حروب وانقسامات وفتن متلاحقة , وكانت البيئة ملائمة لظهور المذاهب الاسلامية الاولى السنة والشيعة والخوارج , وكان الحكم الاموي عربيا فى تكوينه ولقي مقاومة قوية من الشعوب الاخرى وبخاصة فى بلاد فارس وخراسان التى تعاطف اهلها مع آل البيت للتصدى للحكم الاموي الذى كان يحرص على نشر العربية عن طريق القوة وتعيين ولاة من العرب من اصحاب البأس , انتشرت الدعوة للدفاع عن ال البيت فى بلاد فارس واتسعت وترسخت , وكان الخوارج هم الفئة الاخرى التى قاومت الحكم الاموى , هذه هي الفرق الاسلامية الاولى , وكان كل فريق يستشهد بالنصوص وانتشرت ظاهرة الكذب فى الحديث التى عرفت باسم الوضع , وهناك الكثير من الروايات التى انتشرت بين العامة وليس لها اصل ولا سند,  وهذا هو الذى ادى الى انصراف طائفة من اهل العلم تخصصوا فى توثيق الرواية عن طريق الاسانيد المتصلة , وهذا جهد علمى يستحق التقدير وقد اسهم هذا الفريق من اهل الحديث فى خدمة الحديث ومعرفة الرواة , ووضعوا علما سموه علم مصطلح الحديث , وكان جهد الامام البخارى كبيرا وصادقا استطاع ان يخرج كتابه صحيح البخارى وهو من اهم كتب الصحاح , كان القرن الاول والثانى من اكثر العصور توظيفا للدين وللنصوص فى خدمة الصراعات السياسية نظرا لعدم تدوين الحديث فى تلك الفترة , وكل طائفة من الطوائف انقسمت الى طوائف اخرى نظرا لصراعات على السلطة وبخاصة طائفة الشيعة بسبب الخلاف على من هو الامام الذى انتقلت الامامة اليه , ومعظم الدول الاسلامية فى التاريخ استخدمت الدين بطريقة تعبر عماكان فى مجتمعها , وظهرت دول كانت تحمل اسما معبرا عما هي مؤمنة به او ماتراه ملائما لها او تنسب لامامها الذى تؤمن به  , واستمر ذلك التوظيف للدين لتحقيق اهداف سياسية , مازلنا حتى اليوم نرى دولا مختلفة وهي ذات طبيعة مذهبية , لم يترك الدين كما هو فى اصوله وقيمه واحكامه , كانت هناك طائفة من اهل العلم انصرفت الى خدمة الدين وكانت مؤتمنة عليه وامينة , وكان هناك اعلام من اهل العلم امتحنوا بسبب مواقفهم , هناك طائفة ابتعدت واعرضت عما طمع فيه غيرها , وهم قلة ولا يخلو منهم اي عصر , كانوا صالحين واهل تقوى , وهناك من كانوا اداة للحكام فيما يريدون يفتون ويبررون وهم كثر فى كل عصر , وهناك منافقون ويفعلون كل شيء , هذه هي طبيعة الحياة , وفى مجتمع يكثر الجهل فيه ويتمكن الحكام من السيطرة عن طريق القوة فمن اليسير ان تجد الكثير ممن يبيع دينه بدنياه , مانراه اليوم فى مجتمعاتنا الاسلامية هو ثمرة حتمية لما كان فى الماضى ومازال حيا كما كان , لا اقول  ان الماضى كان افضل ولا اقو ل  ان الحاضر هو الافضل , ما اقوله اليوم اننا يجب ان نحرر الدين من ان يكون مطية لمن يريد السلطة , الدين له نصوصه المقدسه وله اصوله وثوابته واخلاقياته , ويجب التمسك بها , المغالبات على السلطة امر طبيعى ولكل فريق ان يقدم مشروعه السياسي وما يراه الافضل لنهضة مجتمعه , عندما نثق بالمواطن نحترم اختياره فيما يختار , الحكومة الافضل هي التى تخدم مجتمعها وتخفف معاناة الانسان وتقاوم الفساد والمفسدين وتحترم المطالب المشروعة لكل مواطن , شؤون الحكم من قضايا المجتمع المتجددة ولكل مجتمع اختياراته لما يريد , عندما تتحقق العدالة فهذا يجعل الحكم اقرب الى ما يريده الدين , التطرف والعنف والفساد والظلم سلوكيات محرمة  لا يقرها الدين , هي سلوكيات انسانية منحرفة وتقاوم كما تقاوم كل الامراض الاجتماعية , الصراع على السلطة هو صراع على المصالح , وهذا الصراع له قوانينه الاجتماعية وتتحكم فى نتائجه قوانين المغالبات , ومن الظلم الذى يحرمه الدين ان يستخدم الابرياء من المستضعفين  كوقود فى هذه المغالبات , العدوان هو العدوان والجريمة هي الجريمة , ولا احد خارج المسؤولية عما يفعل , عندما تدافع عن حق من حقوقك التى اكرمك الله بها ضد من يعتدى عليك فهذا جهاد,  وعندما تعتدى او تقتل او تظلم فهذا مما يحرمه الله على الانسان .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

( الزيارات : 1٬055 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *