الدين والعقل لاجل الحياة

الدين والعقل : لاجل الحياة

……………………….

لايمكن للعقل وحده الذي تتحكم فيه الغريزة ان يقود الانسان الى طريق الهداية في الحياةًًبسبب سيطرة الغريزة عليه  الغريزة الفطرية تزين للانسان ما تريده  من الاهواء والاطماع وتلح عليه ان بستجيب لها وينصت لندائها وتسخر العقل لكي لكي ينفذ لها ماتريد , ، انه يرضخ ويستجيب  لما تزينه له تلك الغريزة من المطالب والرغبات  ، وهذا ما نجده واضحا في الانسان البدائي الذي يقتل اذا غضب ويعتدي على من هو اضعف منه عندما يجوع لكي ياكل طعامه ولا يشعر بندم على ما يفعل وكان العقل غير موجود ، وتحركه شهواته وتقوده الى ما تريد بلا قيود ولا ضوابط ، من طبيعة الانسان الجاهل ان يقدس كل شيء يراه امامه , ويتوهم قداسته الدينية ، الانسان البدائي كان يملك العقل كما يملكه كل انسان آخر ، وبالرغم من ذلك ارتكب ابشع الجرائم وما زال حتى اليوم تتحكم  فيه انفعالاته الغضبية عندما يغضب ويفقد رشده ، ولم يمنعه عقله من ارتكاب تلك المنكرات التى ينكرها العقل بحكم العادة ، وقد يعتبر ذلك من الشجاعة والتعبير عن القوة وقد يفتخر بذلك جهلا ، الانسان البدائي كان يملك العقل الذي يميز به بين الخير يلبي له غباته والشر الذى يفسد الحياة ، وكان العقل فى كل المواقف  هو اداة طيعة بيد الغريزه تقوده الى ما تريد من الرغبات , ولو كانت بالعدوان على كل الاخرين والانتقام منهم ، كان الدين هو المنارة الهادية التي تخاطب العقل المنفعل  الى ما يليق بمرنبة الانسانية من السللوك العاقل والالتزام  بما يصلح الحياة  واجتناب ما يفسدها ، ويمكننا ان نرى اثر الدين في حياة الافراد والمجتمعات فى الامور التالية :

اولا : ترسيخ فكرة الايمان بالله وحده ورفض القداسة لغيره من العباد ، ولا اله فى هذا الوجود الا الله الواحد الاحد ، وكل الناس من ملوك وكبار وحكام هم عباده ولا احد خارج مرتبة العبدية لله بكل خصائص الضعف الانسانى ، ولا احد منهم يملك القداسة والخلود في هذه الدنيا ، وهذا الانسان يضعف ويمرض ويموت ولا يملك من امره شيئا ، الله وحده ولا شريك له ، ولا احد في الوجود الا الله في خلق او تدبير ، وهذه هي اعظم رسالة حملها رسل الله من الله للانسان :الا احد خارج اوصاف العبودية لله بكل خصائصها من الضعف والموت والفناء ، الله اكبر وهو شعار الاسلام الخالد ، ولا احد اكبر من الله ، واكبر جريمة في نظر الدين الشرك بالله فى جميع مظاهر الشرك , والشرك ان تؤمن بشريك لله فيما اختص الله به من امر الخلق والتدبير وان تعبده وتستعين به ، وبيوت الله لا يذكر فيها الا اسم الله ، وكل الناس سواء عند الله في حق الحياة وكل الحقوق الانسانية ،

ثانيا : ضبط السلوك الانساني وفق معيار الامر والنهي والحلال والحرام ، الحرام هو كل ما يفسد الحياة من المظالم والعدوان على الاخرين وكل المنكرات والفواحش فى السلوك ، والحلال يشمل كل ما يصلح الحياة من العمل الصالح الذي يسهم في الحفاظ على الحياة وتحقيق السلم الاجتماعي في ظل منهجية متكاملة من الاحكام تضمن تحقيق العدالة فى الحقوق وتمنع التمييز الجائر والتفاضل الظالم ، عندما يثبت الظلم فالحرمة قائمة بسبب الظلم الذى حرمه الله ، ولو كان الظلم ناتجا عن سوء  فهم لكيفية ممارسة حق مشروع بطريقة تعسفية ، من استخدم حقه بطريقة خاطئة فهو متعسف ولو بنية حسنة , فالجهل لا يبرر الظلم

في استعمال ذلك الحق بسبب الظلم فيه , ويشمل ذلك كل ما يؤدي الى ظلم وفساد في الحياة نتييجة الجهل والانانية وسوء الفهم لمعنى العدالة ، وهذا كثير في مجتمع التخلف عندما تتمكن الانانية من التحكم في السلوك ، ويكون التفاضل في الحقوق والتمايز فيها ..

ثالثا : اهم اثار الدين ضبط السلوك الانساني والتحكم في الرغبات الغريزية الجامحة  وبخاصة الشهوات عن طريق مقاومة كل طغيان يؤدي الى فساد ، واهم ذلك تنظيم التعاقب بين الاجيال عن طريق تنظيم الاسرة وضبط الانساب وتحريم الفوضي في العلاقات الجنسية بما يفسد الحياة ، ومن ذلك تحريم المحرمات وانشاء الاسرة عن طريق الارادة المتبادلة والتوافق والتعاقد الذي يضمن سلامة الاسرة كخلبة اجتماعية تسهم فى الاستقرار الاجتماعى ، الاسرة بما هي عليه اهم ثمرات الدين ، وما زلنا نجد الدين هو العامل الاكبر والاهم في تماسك الاسرة الاسلامية ، والدين يحرم اي عبث بكيان الاسرة يؤدي الى اختلاط الانساب ، ومن المؤسف ان يتعرض كيان الاسرة للاهتزاز والتفكك في ظل دعوى الحرية الفردية ، ونلاحظ ان المجتمعات التي تسعى لتفكيك الاسرة باسم الحرية الفردية وادعياء المثلبة هم الابعد عن الدين والاجهل برسالته التى ترتقى بمستوى مرتبة الانسانية ، الدين هو الضمان الوحيد والاهم لحماية الاسرة من الانهيار ،

رابعا : اهم مقاصد الدين كرسالة الهبة تحقيق العدالة في الحقوق بالكيفية التي تحترم فيها الحياة كحق لكل العباد بلا تمييز بينهم في الحقوق الاساسية ، واهم مظاهر هذه العدالة احترام الحق في الحياة بكل اسبابها المعاشية والحق في الكرامة لكل عباد الله ضمن صيغة عادلة من التكافل الواجب الذي يحميه الاسلام بين الغني والفقير والقوي والضعيف ، وفي ظل مجتمع الاسلام الحق لا يوجد جائع لا يملك طعامة ، ولا محروم بسبب ضعفه وعجزه ولا يتيم بسبب فقدانه المعين الذي يتكفل به ، الدين يرفع شعار العدالة العادلة التي لا يظلم فيها ضعيف في اي حق من الحقوق الاساسية ، عدالة الاسلام لا عنصرية فيها ولا طبقية اجتماعية ولا تفاضل بالانساب والقوميات ولا بالثروات ولا بتوارث اسباب التميز والمجد المتوهم الناتج عن الطغيان والفساد ،

خامسا : الاسلام وهو الرسالة الخاتمة للاديان يحرم اكل اموال الناس بالباطل بسبب الطغيان الذي يبرر الظلم في الحقوق , وتجاهل انتقاص

اجور المستضعفين ، واستغلال حاجة الناس في الارباح الفاحشة , والاتجار بالانسان واستغلال حاجته وجهله للاستيلاء على ماله وتجاهل حقوقه العادلة ، وكنت ارى ان اي استغلال لضعف ضعيف وحاجةً مسكين هو من الربا الذي حرمه الله على عباده ، الربا هو الغابة القذرة التي تضم كل الاشجار التي تخرج كل ما هو فاسد من الثمارولو كبرت اشجارها وامتدت اغصانها  ، وهذه الغابة لا تعطى الا ما هو  مستقبح من الثمار المحرمة التى تفسد الابدان  ، وقد حرم الله الربا الذي تستغل فيه حاجة الانسان , ويستذل في حقوقه  المشروعة  بسبب ضعفه ، لا احد لا لاحد لا احد من العباد خارج الحق في الحياة بكل اسبابها المعاشية والحق في العدالة العادلة التى ضمنها اله لكل انسان ،

سادسا : الدين هو الذي يمنع العقل من الزيغ والضلال عندما تتحكم  به  أنانيته الضيقة وحرصه على ان يستولى  ولو بالقوة على حقوق الاخرين ، حضارة اليوم المادية لا ينقصها العقل القادر على التفكير ولاحسن التمييز بين الصلاح والفساد والخير والشر وانما ينقصها الايمان الذى يضبط السلوك الاجتماعى ويمنعه من الاطماع التى تزين له العدوان على الحقوق  ، انها حضارة تتمو بجهد العقول , وتحتكم اليها في امورها وتبرر به سياستها ومواقفها ، ومن المؤسف ان هذه الحضارة هي الاكثر انانية وقسوة على الانسان ، انها حضارة اعطت لشعوبها الحق فى استعمار الشعوب الضعيفة والاستيلاءعلى  اراضبها وثرواتها واذلال شعبها والتحكم فى امرها ، وانتجت السلاح المدمر واخافت به ، وهددت به كل من يتصدي لها ، وهي تنتجه لكي تتاجر به كسلعة تستولي بها على ثروات الشعوب الفقيرة التي انشغلت بحروبها الداخلية ومع جيرانها ، هذا العقل الخاضع لسلطان الغريزة يملكه الحيوان كما يملكه الانسان لكي يبحث به عن طعامه ويقاوم به من يعتدي عليه ، اما العقل الذي خاطب الله الانسان به وجعله مكلفا ومستخلفا هو ذلك العقل النوراني الذي امده الله بشيء من نوره لكي يهتدي به الى الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه ،

سابعا : الدين هو المصدر الاهم للاخلاق وللاداب ، والاخلاق التي مصدرها الدين اكثر رسوخا من الاخلاق التي تبنى على اساس المصالح الانانية ، وفي مجتمع لا عدالة فيه تكون الحرية سلاحا يحمله الاقوياء ولا يملكه الضعفاء لتبريركل المظالم الاجتماعية وترسيخ الاحقاد الطبقية وتعميق الكراهية بين الانسان والانسان ، رسالة الاسلام مستهدفة من الطغاة وكل الظالمين لانها تفضح النفاق الاجتماعي للحضارة المادية المعاصرة التي يحكمها الطغيان بدوله ورموزه الذين يحكمون سيطرتهم على الشعوب المستضعقة المستذلة الخاضعة للوصاية وللهيمنة والمستنزفة في ثرواتها وحقوقها ، وخيارها الوحيد أن تقاوم للدفاع عن نفسها بكل السبل الممكنه , وهذا هو مفهوم الجهاد المشروع والمحمود الذي يحبه الله ، وهو الحهاد للدفاع عن الحياة بكل اسبابها ،جهاد لاطغيان فيه ولا استبداد ولاعدوان على المسنصتضعفين تحت أي شعار , هذه هي رسالة الاسلام التى جاء بها رسول الله مبشرا ونذيرا لكي تكون هادية الى الطريق المستقيم …

…………………………………..

م

( الزيارات : 395 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *