الدين ومهمة الفلسفة

الدين ومهمة الفلسفة

كنت أحترم الفلسفة التي تقود في النهاية الى الله نعالى  ايمانا به وان كل ما فى الوجود

هو من خلقه , وان كل شيء فيه من امره ، والتوصل الى ذلك عن  طريق التأمل في هذا الوجود المادي المحكم ومحاولة فهم كل ذلك عن طريق العقل الذى خاطبه الله بكلامه واستخلفه على الحياة ان يصلح فيها ويحافظ عليها ، ومن حق العقل ان يفهم الوجود باداة التمييز التى زوده الله بها , وان يعتمد  فى ذلك  على ادواته الحسية القادرة على الفهم ، محنة الذين عاشوا في الغرب وتأثروا بفكره انهم ينكرون الكثير مما لا يحيط العقل به من امور الغيب ، وهناك من ينكر الغيب كليا ، او يكتفى بعجز

العقل بادواته المادية  عن فهم قضايا الغيب التي هي من امر الله ، ما كان من امر الايمان بالله فموطنه الفطرة التي تدرك مالا يدركه العقل من  قضايا الايمان التى تدرك بالصفاء الروحي ، وليس العقل الذي يختص بامر التكليف الذي خوطب به الانسان ، ولم يكلف العقل بامر الغيب الذي اختص الله بعلمه ، وهو مكلف بالايمان بالله دون الخوض فيه الابما جاء من عند الله عن طريق رسله  ، ويشمل امر الغيب كل ما هو غائب عن العقل ادراكه من امر الوجود ، وعندما ننكر الغيب بما يتضمنه من الايمان  فاننا سوف نصل الى العبثية في فهم هذا الوجود ، ولا يمكن لهذه الحياة ان تكون بغير هدف ولا غايةً ، من اليسير جدا ان ننكر الغيب لاننا لانراه ، ولكن لايمكن للعقل ان يثبت انكاره للغيب بادلة عقليه ، قضية الغيب قضية ايمانية ، واهم اثر للايمان بالله هو تفسير الوجود بما يبرر الحياة ويمنع الفوضى فيها والطغيان ، قوانين الطبيعة عادلة لانها من الله تعالى ، ولا تخلف وعدها ، وطريق فهمها هي الاسباب المادية المدركة بالعقل ، وقوانين التكليف عادلة ايضا لانها من الله ، واهم قانون الهي هي العبدية المطلقة  لله تعالى، والعبدية تثبت الحق في الحياة لكل عباد الله بكل اسباب الحياة التى لا تستقيم الحياة الا بها ، لا تمييز فى العبدية الجامعة لكل البشرفى كل الحقوق ، ، ولا تفاضل في تلك الحقوق بين العباد في حق الحياة ، العبدية لله تقتضي التكليف والمسؤولية والمحاسبة ، وهذه هي العدالة الالهية التي هي ثمرة للايمان ، واهم اثر للايمان الديني هو الايمان بوحدة الاسرة الكونية في كل الحقوق الانسانية من غير تمييز بين الشعوب المؤتمنة على الحياة ، ومنع طغيان القوي من الدول والشعوب والافراد على الضعيف ولو كان فى جزيرة نائية ، لا وصاية لشعب على آخر في ظل الهيمنة , ولاتبعية فى ظل الحق فى الحياة ولا استعمار لشعب مستضعف ولا استغلال لضعفه ، ولا يحق للاقوى ان يفرض وصايته على الاضعف ولو ملك اسباب القوة والطغيان فى الارض ، والاسلام هو رسالة الله لكل عباده الا يعبدوا الا الله , وان يكفروا بكل طغاة الارض من افراد ودول , وان بعملوا صالحا , وان بجتبًوا المظالم في الحقوق وكل المفاسد والمنكرات وكل مالا يليق من السلوك الذي يفسد الحياة ، محنة الدين في صنفين من الناس ,  اولا:  فيمن يسيء فهم رسالته بسبب الجهل والتقليد , وهذا كثير في عصر ترسخ الجهل فيه بسبب تعطيل العقل عن القيام بمهمة التمييز بين الخير والشر,  وما يصلح الحياة وما يفسدها ، وثانيا : فيمن اراد الدين مطيته الى دنياه ، وهذه هي محنة الدين في كل العصور والمجتمعات ، من اراد الدين مطيته لدنياه اخذ من الدين ما ينفعه ولو كان فرعا خالف به اصلا , وترك منه مالا ينفعه وتجاهله ، ووجه احكام الدين وتعالبمه لكي تكون اداته لتبرير مايريد من دنياه ، الحاكم المستبد اراد الدين لتبرير استبداده ، والظالم في الحقوق اراد الدين ان يشهد له بعدالة ظلمه ، والطامع الذي تحكمً طمعه فيه اراد الدين ان يحمي طمعه , ولو باستغلال مستضعف واكل امواله ظلما ، ونحن اليوم في عصر اشتد التدافع  فيه بين منهجين لا يلتقيان : منهج يرفض الدين وينكره من الاساس ، وهو منهج جاهل بحقيقة رسالة الدين ، ويستمد فهمه للدين مما عليه مجتمعه من الاعراف الاجتماعية التى ترسخت وابتعدت عن روحية الدين ، ومعظم اصحاب هذا الفكر ممن  تأثروا بالغرب وتشبعوا بفكره المادى واعجبوا بحضارته ، وكانوا ادواته للتشكيك في مدي قدرة الثقافة الاسلامية على مواكبة الثقافة الغربية المادية التي تريد تكريس الهيمنة الثقافية للغرب عن طريق ابراز ماخلفه الجهل من اثار اهمها : التعصب والتقليد وتعطيل العقل وقداسة  ثقافة الاجيال التاريخية كما هي  بكل ما تضمنته من اثار ، وهناك منهج آخر ، وهو المدرسة التقليدية التي ارادت الاسلام كثقافةً اجيال , ويجب التمسك بمنهج تلك الاجيال فيما اختارته من افكار واحكام وقيم ومعايير ، ويجب التمسك بذلك المنهج السلفي المتعصب الرافض لكل تجديد عماًكان عليه منهج السلف فيما اجتهدوا فيه ، اذا اريد بالسلفبة العودة الى القران والسنة كمرجعية للفهم , فهذه سلفية محمودة ومطلوبة  , ولا خلاف فى سلامة هذه السلفية وحاجة المجتمع اليها لازالة الركام  الذى اضيف الى الاسلام وليس منه ، وان اريد بالسلفية قداسةً تراث الاجيال المتعاقبة والتمسك بها  , وعدم تجاوزها فهذا غير ممكن لان الحياة متجددة  والجهد العقلي يخضع لمعايير التفاضل الموضوعي الباحث عن الحق  الذى اراده الله ، ويستفاد مما هو صالح ومفيد من تراث الاجيال ، ولا يحتج بتراث الاجيال على اسلام الرسالة بروحية الاسلام  ومقاصده المستمدة من نصوصه الكلية  ، رسالة هذا الجيل وكل جيل ان يحمل الامانة , ويتابع الطريق الذي امر الله به لاصلاح الحياة باسباب الاصلاح  التى تلائم كل عصر وتعبر عنه فى فهمه لمعنى العدالة  فى الحقوق  والكمال فى الفضيلة , معتمدا فى كل دعوة اصلاحية  على كتاب الله وعلى ما صحت روايته سندا واستقام معناه متنا مع روحية الخطاب القرآني الذي جاء من عند الله ، تراث الاجيال يشمل ما كان من قبل وما سيكون في المستقبل من جهد كل جيل ، والفقه الاسلامي يشمل ما كان من قبل من جهد الققهاء وما سيضاف اليه من جهد فقهاء  كل مجتمع ، لكي تستمر بجهد الاحيال مسيرة الفكر في اغناء المعرفة الانسانية التي تعتبر من اهم قضايا الفلسفة التى تهدف الى اغناء المعرفة الانسانية بالقيم الايمانية والروحية ، وتشمل كل معرفة يترجح للعقل انها تغني الحياة بما يصلح الحياة ويرتقى بالوعي الانسانى نحو افق الانسانية المتكافلة والمتراحمة بكل من فيها من الشعوب الذيين هم جزء من الاسرة الكونية الواحدة ، المعرفة  ترتقى برقي  فهمها للحياة  واحترامها للانسان سواء كان مصدرها النقل او العقل ، والعقل هو اداة فهم الخطاب الالهي لاصلاح الحياة ، ويجب على كل مخاطب به ان يفهمه بما اوتيه من ادوات الفهم التي تدرك بها المعارف الانسانية ، الدين ليس نقيضا للعقل ، وانماهو اداة رشد له وهداية , لكي لا تسيطر عليه غرائزه الفطرية فيخضع لها , ويعبر عن مطالبها ، مهمة الدين ان يحرر العقل من الغرائز الجامحة الشهوانية والغضبية ، ومهمة العقل ان يحرر مفاهيم الدين من الجهل والتبعية والتقليد والتعصب ، وعندما يقع الاستغناء عن العقل المخاطب بامر الله وتعطيله تكثر الخرافات فى العقائد وتعم المبالغات فى المرويات  التاريخية  , وينسب الى الدين ماليس منه من المفاهيم والقيم والاحكام ، الدين هو خطاب الله لكل عباده والعقل هو اداة فهمه بمقاصده المستمدة من روحيته ، وما ترجح للعقل فساده من المفاهيم والاحكام المخالفة  لروحية الدين فى اصلاح الحياة  ومنع كل ما يفسدها  فلا يعتد به ، تعطيل العقل عن اداء مهمته هو اهم ما يفسد الحياة التي جعل الله العقل منارة هداية  لمواكب الانسانية لكي تكون قادرة على التمييز بين الخير والشر والحق والباطل الذى يسهم فى اصلاح الحياة

 

أعلى النموذج

 

أسفل النموذج

 

( الزيارات : 564 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *