الصراع بين الاقوياء حتمي

 

علمتني الحياة

أن الصراع بين الأقوياء سواءً كانوا دولاً أو حكاماً أو أحزاباً أو أكثريات أقوى من الصراع بين  الأقوياء والضعفاء ، وأكثر بأساً وعنفاً ، لأن الكل يعتز بقوته ويملك ما يملكه الآخر من السلاح والمال والنفوذ ، ولو اكتشف الضعفاء هشاشة تماسك الأقوياء وتفاهة ما يفكرون فيه لما خافوهم ، ولو أحسنوا الفهم وأسلموا أمورهم لحكمائهم وعقلائهم لتمكنوا من حماية حقوقهم بحسن سياستهم ، والأقوياء وإن ظهروا بمظهر القوة والتماسك والنصر فإن الطغيان يعمي الأقوياء عن رؤية الحقيقة وتدفعهم الثقة بقوّتهم إلى خوض معارك خاسرة ، وهم بغبائهم يدفعون خصومهم الضعفاء للتلاقي والتماسك ، وهم بظُلمهم وتماديهم في إذلال الآخرين يدفعون خُصومهم للتضحية والاستعداد للاستشهاد ، وكل الأقوياء من أفراد وسلطات ودول لهم عمر محدود ، قد يطول قليلاً وقد ينتهي سريعاً ، وبخاصة إذا تولى أمرهم قائد أحمقُ الطبائع كثير العثرات يعيش في وهم انتصار يقوده إلى السقوط ، فانتصار الحمقى يقودهم حتماً إلى السقوط ، لأن النصر يدفعهم لارتكاب حماقات كمنتصرين ، والعقلاء إذا انتصروا فتحوا قلوبهم للمغلوبين ، وكانوا أكثر عدلاً وواقعية وأخلاقية ، فإذا طغوا وظلموا وأذلوا وتوهموا أن النصر يعطيهم حق الاذلال فهم مخطئون فالهزيمة إذا ترافقت بالإذلال والظلم فإنها صانعة لا محالة إرادة وعزماً لدى المستَذَلّين , لأنها توحدهم أولاً وتقوي إرادتهم ثانياً وتجعلهم أكثر قدرة على المقاومة والتضحية ثالثاً في الوقت الذي يعيش المنتصر في بروج الوهم والغرور , ثم يكتشف هشاشة قوته في ضعف إرادة جنده وتسابق قادته على المغانم والمناصب وعدمِ تناصرهم في الأزمات , وهكذا تسقط الدول في أيام عزها , وتفشل الجيوش الغازية بعد فترة وجيزة بسبب صحوة المستضعفين وتلاحمهم , وكل مقاومة مكتوب لها النصر في النهاية إذا كانت قضية عادلة وكل مقاومة لابد لها من مواجهة عدوها الداخلي أولاً وهو الأقسى عليها من عدوها الخارجي , لأنه يضعف ثقتها بنفسها , وأحياناً يُقوي خصومها عليها ويشجعهم على التصدي لها , وهذا يُقوي من إرادة المقاومة ويُرسخ مكانتها ويجعلها أكثر تماسكاً , إلا أن المقاومة لا ينبغي أن يشغلها عدوها الداخلي على قضيتها الأولى , ويجب أن تتجاهل مواقف المترددين والمحبطين وأن تحذَرهم وأن لا تَقع في شر الفتنة الداخلية , فالعدو الأول هو العدو المعتدي والخلاف مع الأشقاء يجب أن يُطوق ويُستوعب ويُفهم ,ولا قتال بين الأشقاء والجيران ,ومن أفراد وجماعات ومذاهب ودول مهما كانت الأسباب , والأقوى عليه يستوعب الأضعف وهذا هو طريقه لجمع الكلمة ولا عذر لقوي إذا اعتدى على أخيه أو جاره الضعيف 

( الزيارات : 809 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *