العبادة وعمل الخير

 كلمات مضيئة.. العبادة وعمل الخير
قال الله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56-5].
تأملت طويلا في معني الآية الكريمة وتساءلت عن معنى العبادة  وما المراد بالعبادة التي ارادها الله من عباده , وهي المراد من خلق الله لعباده من الانس والجن ، كل الدلالات ممكنة وكل الاحتمالات واردة ، الصوفية يَرَوْن ان المراد بالعبادة المعرفة ومعرفة الله تحتاج الى طهارة القلب وموطن المعرفة كما يرى الغزالى هو القلب وهو المخاطب والمعاقب والمقرب من الله والمحجوب عن الله , ومن علامات المعرفة السكون الناتج عن صفتين هما الهيبة من الله والانس به ,  ومن عرف الله كان اكثر صدقًا في عبادته واكثر فهما عن الله ، ومن عرف الله احسن في اختيار الطريق الذي يقوده الى الله وهوعبادته والخضوع له ،  والتسليم بحكمه والتزام. ما اراده الله ، وعدم الغفلة عنه ،. وكل انسان مخاطب بامر الله ومكلف به ان يطيعه فيه ، كل جهد يقوم به الانسان  لاجل استمرار الحياة فهو عبادة للحفاظ على الحياة  ، ولكل مخاطب ان يختار الطريق الذي يقوده الي الله ، ويشمل كل جهد يبذله الانسان لاجل كمال الحياة ، غاية العبادة ان تقودك الى المعبود , ومن العبادة ان  تقوم ما امرك الله به من السعي في الارض بما يضمن استمرار الحياة ، مفهوم العبادة ان تسهم في عمارة الارض بما يرضي الله من غير تجاوز او ظلم او عدوان ، كل انسان مكلف. من الله ان يعمل صالحا ، الصلاح لا حدود له ، ويقابله الفساد ، الصالحون من عباد الله يبنون ويشيدون  ويسعون في الارض بما يرضي الله من عمارة الارض بجيث تكون الحياة لكل عباده من غير طغيان او اذلال ، والفاسدون يهدمون ما أراده الله من اسباب  ويظلمون ويعتدون ويقتلون ويسعون في الارض فسادًا ، الايمان بالله يجعل صاحبه صالحا لانه يعمل لله وفي سبيل الله ، العمل الصالح هو ثمرة الايمان بالله لانه يشعر صاحبه بالمسؤولية امام الله عن أعماله ، العمل الصالح لا هوية له , انه يصدر من كل الصالحين ولا يفرق بين انسان وانسان , الخير لاجل الخير ولكل عباد الله , كل جُهد يراد به الخير هو عبادة والله يثيب عليها , ،لان الله يحب الخير ولا يصدر منه الا الخير ..

 ، والعبادة انواع ثلاثة :
الاول : القيام بحقوق الله علي عباده تعبيرًا عن الخضوع لله والافتقار اليه ، ويشمل اداء كل العبادات بالكيفية التي امر الله بها او كما فعلها رسوله ، من غير زيادة فيها او تحريف ، ويرجع فيها لأصحاب الاختصاص من المحدثين  وهم اهل الرواية. بضوابطها ،وما كان مصدره النقل فلا رأي لغير اهل الرواية , ونجب الثقة بهم كما ترجحت لديهم علما لا الهاما , فلا الهام فيما كان مصدره الرواية .. الثاني : القيام بكل ما امر الله به من السعي في الارض لكمال الحياة ،كل سعي في سبيل الحياة فهو في سبيل الله وهو عبادة ، الام تربي اولادها والأب يعمل في حقله او معمله والتاجر في تجارته. ليكسب قيمة جهده والطالب في مدرسته لكي يتعلم ، وكل صاحب مهنة يعمل لكي ينفق علي اسرته ،كل هؤلاء في عبادة بقدؤ ما يحسنون فيما هم مؤتمنون عليه من امر دنياهم ، ومن قعد عن اداء ما هو مكلف به تقصيرا او اهمالا فهو مسؤول عن تقصيره ولا عذرله الا بما يبرر ذلك التقصير ، التقصير مسؤولية ولا عذر للمقصرين ولا حظ لهم  عند الله ، ولا يتقرب الي الله بما حرمه الله علي عباده من الإهمال والتقصير ، ومن ادعي  التفرغ للعبادة  وقعد عن السعي معتمدا على الاخرين او مهملا فى واجباته نحو اسرته  فهو مقصر ومخالف لما امر الله به عباده من العمل والكسب  ومن ادعى الزهد وقلبه معلق بما زهد فيه  فهذا من الجهل ولا عبرة بما يدعيه او يتوهمه فى نفسه ، العمل عبادة مطلوبة ومن قعد عن العمل لاجل التفرغ للعبادة فلا مبرر لما يفعله  ، الآية الكريمة تؤكد ان الله هو الرزاق لعباده   بشرط ان يأخذوا بالاسباب  التى تضمن لهم ذلك الرزق , العمل لاجل كمال الحياة عبادة ، ، وقوله : ليعبدون اَي يتقربون الى الله بكل ما امرهم به  مما هو خير لهم في دنياهم وأخراهم من العمل الصالح ، العمل عبادة بكل أنواعه لانه يؤدى الى كمال الحياة ،
الثالث: القيام بكل جهد لخدمة الاخرين من عباد الله فيما يخفف من معاناتهم ، كل من عمل لاجل الاخرين للتخفيف من آلامهم فهو في عبادة ، وأبرز مثال لذلك هو ذلك  الجهد المحمود الذى يبذله الصالحون  المحبون للخير في ايّام المحن والأوبئة والازمات من تضحيات  بحياتهم واموالهم  للتخفيف من معاناة الاخرين واسعافهم ومساعدتهم ,وهذا من الجهاد والعبادة التى يحبها الله من عباده,  وهو جُهد لاجل استمرار الحياة التي ارادها الله تعالى ان تكون  ، ومن العرفان بالفضل في محنة وباء كورونا  ان نشيد بجُهد كل الذين يعملون في المستشفيات. والشوارع وكل العاملين لخدمة الاخرين في اَي مكان و موقع  يسهم في تخفيف المِحنة عن كل الاخرين.وتنظيم الحياة بما يضمن حماية المجتمع  ، الذين يضحون لاجل الحياة يستحقون أجرهم عند ربهم , وهذا هو الجهاد الحق الذي يحبه الله ، الجهاد لاجل الدفاع. عن الحياة هو افضل الجهاد ، والذين يهددون الحياة التي اكرم الله بها عباده باسباب القوة التى يملكون  لا مكان  لهم عند الله  , وبخاصة عندما يستغلون الازمات والمحن  لتحقيق مكاسبهم وانتصاراتهم التى يكبر بها الطغيان فى الارض ,   مفهوم العبادة يتسع لكي يشمل كل ما يحبه ولا حدود له. من اعمال الخيرالتى تسهم فى تحقيق مصالح العباد فيما اقره الله لهم من الحقوق  التى تضمن استمرار الحياة وتسهم  في كمالها  ، الخير منهج الصالحين من عبادالله ولاهوية له ، انه عطاء تنشرح له قلوب الصالحين  وتضيق به صدور الاشرار والفاسدين  ، الخير يخترق كل الحدود ولا يصدر الا من الصالحين ، الخيرالمطلق  يثمر اعمال  الاحسان ، ورموز الخير هم المحسنون ، ويقابل هذا الوصف هو الاساءة والفساد ، ورموزالشر هم المفسدون ، المعتدون علي اَي حق من حقوق البشر من كل الاقوام والأديان والمذاهب هم مفسدون في الارض ، خدمة. عباد الله عبادة في كل ما يسهم في تمكينهم من الحياة التي ارادها الله ، ذلك هو المفهوم الذي يعمق معني العبادة ويجعلها تتضمن كل جهد في سبيل الله لاجل استمرار الحياة ..

 

( الزيارات : 459 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *