العدل والعدالة مفهوم يتجدد

كلمات  مضيئة..العدل والعدالة مفهوم يتجدد

 حظي مبدأ العدالة باهتمام الدين كاحد ابرز الاسس التى تبنى عليها الاحكام الشرعية فى المعاملات , والعدالة بمفهومها المطلق هي احد الاسس الاخلاقية , والعدالة مشتقة من العدل وهو المساواة بين شيئين , والعدل يقتضى رد الزائد واكمال الناقص لكي تتحقق المساواة وهي هيئة فى النفس راسخة تصدر عن صاحبها من غير تكلف ولا روية فمن تكلف العدالة فليس عدلا , والعدالة تعنى التوسط بين طرفين , والعدالة تعنى ان يكون الفعل الصادر من الانسان مساويا لأغراضه ومقاصده , فاذا زاد الفعل عن اغراضه المرجوة منه انتفت الفضيلة فيه , فالشجاعة فضيلة تعبر عن القوة الغضبية,  وغايتها ان تحقق غرضها وهو الاقدام العاقل , فاذا زاد الاقدام بشكل يتجاوز الغرض من الشجاعة كان تهورا مذموما , والحكمة هي توسط القوة العقلية , فاذا زادت القوة العاقلة عن الغرض المطلوب منها انتفت الحكمة فى القرارات العقلية , فالمكر الناتج عن قوة الفكر ليس فضيلة لانتفاء معنى الاعتدال فى تلك القوة , والعفة توسط فى القوة الشهوانية فاذا زادت العفة او نقصت عن تحقيق الهدف المطلوب منها كانت سذاجة وبلادة لانتفاء صفة الاعتدال فى تلك القوة الغريزية , العدالة تعنى تساوى النسب والقيم بحيث تكون قيم الشيء مساوية لغرضه المراد منه , قيم الافعال وقيم الاعمال , المساواة نسبية والعدالة تحتاج الى معيار دقيق لمعرفة الوسط بحسن الغرض المطلوب منه  , لقد ابتدع  الانسان الدرهم لكي يكتشف به قيم العمل فى المبادلات والسلع , فاجر العامل يقدر بمقدار من النقود ويمكن ان يشترى بتلك النقود ما يماثلها من السلع , ويعتبر الدينار هو معيار العدالة لانه اداة معرفة قيم الاعمال , ولكن ليس من السهل ان تدرك معايير العدالة , كل انسان يستحق قيمة عمله من غير زيادة او نقصان فى اجر او ربح فمن زاد او نقص فقد انتفت العدالة وكان الجور , والجور ظلم محرم فى نظر الدين , من استغل ا و اغتصب او احتكر او غش فقد اخذ اكثر مما يستحق , وهذا هو الجور , والتجاوز على اي حق هو ظلم , ولكن كيف يمكننا ان نعرف اين يكون التوسط والاعتدال , لكل عمل  غرض يحققه فاذا تجاوزت قيمة العمل قيمة غرضه كان جورا , لكل عمل غرض يؤديه والاجر يرتبط بذلك الغرض المطلوب , اهل الاختصاص هم الذين يقدرون قيمة كل جهد بدنى او فكرى , فمن تجاوزه فقد ظلم ومن انتقصه فقد ظلم ايضا , قضية العدالة معقدة وشائكة ونسبية وليست كمية ولا مادية ومعيارها دقيق ولا يحسن فهم معنى العدالة الا من اوتي رجاحة فى الفهم , العدالة لاتعنى التفضل والاحسان  لانها تعتمد على التساوى فى الحقوق,  اما التفضل فهو درجة اخلاقية راقية  وتكون بين طرفين  مختلفين , عندما يتنازل القوى عن جزء من حقه لصالح الضعيف فهذا هو التفضل والاحسان , التفضل درجة عالية ومحببة وهي ضرورية فى العلاقات الاجتماعية , فالكبير يتنازل عن جزء من حقه لصالح الصغير  , التفضل يولد المحبة بين الافراد , الاقوى والاغنى مطالب بان يتنازل عن جزء من حقوقه لصالح الضعيف , العدالة اولا ثم يكون الاحسان , لا بد من العدالة فى الاجور لكي يكون الاجر مساويا لقيمته الحقيقية,  واقله ان يكون كافيا لحاجات صاحبه ولا اجر يقل عن تكلفة صاحبه ,ما تجاوز معيار العدل فليس عادلا , الناس يتفاضلون فيما يكسبون من قيم اعمالهم المشروعة , ولا يتفاضلون بمقدار ما يملكون من ثروات اكتسبوها عن طريق الفساد والاغتصاب والنفوذ واستغلال حاجة الاخرين , من العدل ان كل ثروة نمت بجهد المجتمع فالمجتمع اولى بها ,  هذا هو العدل , العدل الحقيقى ما انتفت فيه كل صور الجور الناتج عن القوة والضعف , كل البشر يملكون حقوقا انسانية واحدة ولا يتفاضلون فيها عند الله الا بالعمل الصالح ومحبة الخير , ومن العدل ان تحسن لمن احسن اليك , وهذا هو حق الله على الانسان ان يعبده وان يحمده وان يشكره , وهناك العدل فى المعاملات بين الناس الا تتضمن جورا ناتجا عن القوة والاعتياد , من العدل الا يملك القوى مالا يملكه الضعيف من الاسباب التى تنافى العدالة , كل الناس متساوون فى الحقوق ولم يكونوا متساوين فى القدرات والكفاءات , كل حق امتسبه صاحبه عن طريق القوة والتميز فليس عادلا , وكل العقود الارادية التى انتفت فيها الارادة الحقيقية وكان احد الطرفين مزعنا او خائفا فلا قيمة لها وليست ملزمة , فمن تنازل عن اي حق من حقوقه ورضي باقل منه بسبب ضعفه فلاقيمة لتنازله لانتفاء صفة العدالة , دليل العدالة اقوى وارسخ وهي  رسالة الدين لمن احسن فهم مقاصد الدين ..

( الزيارات : 552 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *