انسانية المنجزات والاختيارات

 كلمات مضيئة..انسانية المنجزات

مازال الانسان هو ذلك المجهول الذى لم يكتشف بعد , كل ما اكتشف من الانسان هو القليل الذى يحجب ما خلفه , انه اكبر مما يعتقد نفسه واصغر من ان يدرك حقيقته , انه الانسان المستضعف الذى لا يملك من امر نفسه شيئا , هو عبد لله لا يتجاوز عبديته , وهو احد اهم التجليات الالهية التى اراد الله ان يعرف بها ويعبد , وهو المخاطب والمكلف والمؤتمن وقد اختصه الله بالتكريم وسخر كل شيء له لكي يكون المخلوق الذى اختصه الله بالعبادة والتسبيح , وله جناحان  يحلق بهما , الاول يحلق به الى عالمه العلوي الذى يدرك به سر خلقه ومكانته عند ربه , وهو عالم يشعر به ولا يراه , وهو عالم اللطافة والروح الذى يدرك به النور الالهي الذى يشرق فى قلبه ,  والاخر يشده الى عالم الحس والمادة والمشاهدة , وبه يكون التكليف والتدبير, والانسان مؤتمن على حسن التدبير , عندما تصفو القلوب تنطبع فيها من اسرار الكون ما تدركه الحواس , عالم المادة هو المخاطب والمؤتمن , اذا اضاء النور الالهي كان الطريق منيرا ومعبدا,  واذا توقف ذلك النور اظلم الكون وضلت القوافل طريقها , وفى ظلمة الليل تكثر الاوهام والاشباح والوساوس , ولا احد يكون من المهتدين , هذا التخبط فى الفهم ادى الى ذلك التصارع والتغالب بين الفرق والمذاهب الفلسفية والكلامية بحثا عن الطريق , كل المشاعل اذا نضب زيتها انطفات ولو كانت هادية ومنيرة , العقل هو اهم المشاعل المضيئة فى ظلمة الليل بشرط ان يجد غذاءه الالهي من نور الله , وهو كالماء الذى يروي الاشجار وينبت اغصانها ويخرج ثمراتها و التغذية الايمانية الروحية هي التى تجعل العقول هادية ومهتدية , لا شيء خارج النور الالهي الذى هو المدد المتجدد الذى لا يتوقف عطاؤه ,  ليس المهم ان تميز بين الاشياء وانما المهم  ان تهتدى الى الحق وان تختار الخير وان تكون انسانا يملك خصائص الانسان رحمة ومحبة , العقل الذى يقودك الى الشر والعدوان ويثير فى داخلك مشاعر القسوة والطمع والحقد ليس عقلا هاديا ولا مهتديا , اذا لم يكن الفكر اخلاقي الملامح وانساني المشاعر فلا يمكن الثقة به , ليس المهم ان تتقدم مسيرة الانسان ولكن المهم ان تحسن اختيار طريقها الى ما فيه الحق والخير وكرامة الانسان , المجتمعات لاتتقدم بمقدار ما تخترع وتبدع وتبنى المدن والمصانع ,  وانما تتقدم عندما تختار نظامها الانسانى الذى لا انانية فيه ولاعدوان ولا قسوة فيه ولا اضرار , الحياة لكل الخلق وهم سواء وليست للاقوياء دون الضعفاء , التقدم الحقيقى عندما تكون افكارنا ذات طبيعة انسانية تؤمن بكرامة الانسان وتحترم كامل حقوقه , لاحياة مع انتفاء العدالة فى الحياة , الاسرة الكونية واحدة متكافلة متعاونة متعايشة , ولن تكون غير ذلك ابدا , الظلم يكرس الكراهية بين الافراد والشعوب , لا بد من نظام عالمي جديد يكون اكثر عدلا ورحمة وواقعية , السلام بين الشعوب والحضارات والثقافات والاديان ينطلق من فكرة الايمان بالتعايش والتساكن للتخفيف من معاناة الانسان والسعي للنهوض به والاهتمام بالطبقات المحرومة التى اثقل البؤس حياتها وهي تعانى من جهالة الانسان وجهله بالطريق الذى يكفل له حسن اختياراته وانسانية انجازاته …

( الزيارات : 454 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *