العقل هو المخاطب والمؤتمن.

كلمات مضيئة..العقل هو المخاطب والمؤتمن ..

اهم قضية شغلت اهتمام العلماء والباحثين على امتداد تاريخ الاسلام هي قضية النقل والعقل وسماها ابن رشد قضية الشريعة والحكمة فى كتابة فصل المقال ,  واهتم بها الفلاسفة وعلماء الكلام , وما زالت حتى اليوم هي الاشكالية التى شغلت الفلاسفة قديما  , هي قضية السابقين الاولين وهي قضية اللاحقين ايضا , ليست القضية اما النقل او العقل , لا اجد ذلك الافتراض الذى يؤدى الى التصادم او التناقض , كيف يمكننا افتراض احدهما دون الاخر , النقل هو النص المقدس وهو الاساس لان مصدره هو الوحي الذى لا ياتيه الباطل , الايمان اولا , لا نتكلم عن جهد العقول فذلك اجتهاد انسانى متجدد ولا يتوقف , النقل خطاب مصدره الله , اذا ثبت فلا يمكن تجاوزه , الخلاف ليس في النص,  وانما الخلاف فى التفسير والتاويل , وهذا امر بشرى , اذا كان التفسير عن طريق النبوة فهذا هو البيان لذلك النص ومهمة الرسول الذى نزل عليه الوحي ان يبينه وهو الاقدر على فهم المراد به , الرسول معصوم فيما ارتبط بالبيان وهذا البيان  كالنص مكانة وقدسية , النص خطاب الهي بالفاظ عربية لها دلالة لغوية , ولا بد من فهم تلك الدلالة المرادة , كل خطاب لا بد له من مخاطب , والمخاطب به هو الانسان المكلف , واداة فهم الخطاب هو العقل , والعقل مؤتمن واذا لم يكن موثوقا به فلا يمكن ان يكون مخاطبا , ليس المخاطب هو طبقة من الناس وانما كل الناس الذين يملكون اهلية فهم ذلك الخطاب , هناك اهلية للخطاب و فاقد الاهلية ليس مخاطبا , الخطاب موجه لكل المكلفين بما يفهمون , الجاهل باللغة لا يمكن الثقة بتفسيره , كيف يمكننا افتراض التناقض بين النص والعقل , اذا ثبت التناقض فهذا دليل قصور العقل عن فهم المراد , لا يمكن للمخاطب ان يثبت التصادم او التناقض , كل ما تراه العقول مما يحتمله النص فهو مقبول وهذه هي مهمة المفسر , دلالات الالفاظ واسعة فما رآه العقل مناقضا لمراد النص فما الحجة والبرهان على نزاهة العقل فيما رآه , العقول لا يمكن ان تتجرد عن اهوائها وغرائزها التى هي جزء من تكوينها الفطرى ,  كيف يمكن للعقل ان يحكم بالتناقض وامر التناقض مختلف فيه , ما الدليل على ان ذلك العقل على حق فيما ترجح له انه الحق , فى حالة واحدة يمكن اثبات التناقض بين النقل والعقل وهو فى حالة اجماع العقول على ثبوت التناقض وهو امر يستحيل ان يقع , والايسر ان نقول بان هناك ما يثبت الخطأ فى التفسير لقصور العقول عن فهم كل الدلالات الممكنة , المخاطب هو اداة فهم الخطاب وهو العقل المجرد من الاغراض والاهواء , وهذا لا يمكن افتراضه لانه احتمال مرجوح فلا اجد يتجرد من خصوصية العقول فى تأثرها بماهو فيها من استعدادات فطرية , ومهما ارتقت الرياضات النفسية التى تريد تخفيف اثر الغرائز والاستعدادات فلا يمكن انتزاع كل تلك القدرات الفطرية , يمكن التحكم والسيطرة على الغرائز ولكن لا يمكنها القضاء عليها , العقل هو الكومبيوتر الذى تتحكم فيه الميول والمشاعر , لا يمكن ان نتجاهل حقيقة اساسية وهي نسبية فهم العقول لما يحيط بها , ما تدركه العقول يتجدد بتجدد المعارف الانسانية , لا شيء من العلم يمكنه ان يكون من اليقين الذى لا يقبل الشك , عندما تتسع العقول تكون قابلياتها للفهم المتعدد اكبر ولا تضيق بما عجزت عن فهمه , عندما نتحدث عن العقل فى مواجهة النقل فهذا يفترض القول باستحالة الخطأ فى فهم العقول,  وهذا امر غير مسلم ولم يقل به احد , وهذا لا يعنى الانتقاص من مكانة العقل الانسانى فلا بد من الثقة به كاداة للفهم فى مواجهة الجهل , العقل هو النور الوحيد الذي يمكنه ان يضيء الطريق , فى ظل غياب العقل فالظلام حتمي , ماتراه العقول فيجب ان يحترم مهما كان بعيدا بشرط ان يكون نتاج جهد عقلي ممن يملك اهلية الفهم , كنت اخشى من الجهل وما خفت يوما من العقل او العلم , العقول  اذا استقامت احسنت الفهم والاختيار وهي مؤتمنة على الحق,  والعقول لا تضل ولو اظلم عليها الليل فهي عطاء من الله وهي اقرب اليه واعرف به …

موضوع تفسير النصوص من اهم الموضوعات العلمية التى نحتاج اليها اليوم لفهم قضية النقل والعقل فى الفكر الاسلامى , كان هذا الموضوع يشغلنى باستمرار وكنت اعتبره من الموضوعات العلمية التى يصعب الخوض بها فى المجالس العامة وقد لا تحظى بالفهم  فى المجالس العلمية , كان هذا الموضوع هو احد الدروس العلمية التى القيتها فى الدروس الحسنية التى يرأسها الملك  فى الرباط عام عام 1986, وقد اشاد الملك الحسن الثانى رحمه الله باهمية الموضوع ومدى الاهتمام به  , وكان رحمه الله من افضل من عرفت متابعة و فهما  لما يسمعه من القضايا العلمية التى كانت تلقى فى تلك المجالس العلمية ..

( الزيارات : 691 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *