العيش المشترك..ظاهرة حضارية

 

علمتني الحياة

أن أؤمن بالعيش المشترك والتعايش مع الآخرين ، سواء على نطاق التعايش الأسري والتعايش مع الجيران والشركاء والأصدقاء ، والتعايش في ظلّ المجتمع الواحد والبلد الواحد ، أو التعايش بين الدول المتساكنة ، ولا بديل عن التعايش في نطاق المجتمع الواحد بين الدّيانات والطّوائف والقوميّات ، وهذا مظهرٌ حضاريٌ ، ويدلّ على أخلاقية عالية ، والدين يشجع مبدأ العيش المشترك في ظلّ ثوابت تحقق هذا التعايش وتوفّر أسبابه النفسية ، والاختلاف أمرٌ طبيعيٌ وظاهرة اجتماعية ، والتنوع لا يستدعي الاختلاف ولا يعني كراهية الإنسان للآخر ، فالإنسان بفطرته يحبّ الآخر ويحترم حقوقه ، وإذا حدث أيّ خلاف فيمكن التغلب عليه بالحوار ، ومن الفضيلة أن يبادر القويّ إلى الحوار والتضحية والتنازل عن جزءٍ من حقه لصالح الطرف الضعيف ، والقوّة ليست الوسيلة الأفضل لحسم الخلافات ، لأنّ القوة تولد الغضب والرغبة في الانتقام ، وهي بداية لمرحلة خطيرة ، والقوة تشعر القويّ بالنصر ويحسب أن المعركة قد حُسمَت لصالحه ، ولا يعلم أنّ الطرف الضعيف يعدّ نفسه للانتقام ، ولو بعد حين ، والظالم ينسى ظلمه أما المظلوم فلا ينسى ظلمه أبداً ولو بعد زمنٍ طويلٍ ، ويعيش المظلوم في حالة ترقبٍ وقلقٍ وغضبٍ بانتظار اللحظة المناسبة للتعبير عن غضبه والعيش المشترك يحتاج إلى تربيه وثقافة ودين وخلق وهو منهج العقلاء والحكماء, وأهمّ شرط للعيش المشترك أن تكون العدالة قائمة في كل الحقوق ، في نظر القانون وفي السلوك اليوميّ وأن يكفل القانون حماية الجميع ، ولا تستخدم القوة إلا للدفاع عن الحقوق المشروعة ،وعلى الطرف القوي ألا يكون مستبداً ، وعلى الطرف الضعيف أن يكون منصفاً وعاقلاً ، فلا يطمع فيما لا حق له فيه .

ولا شيء يهدد العيش المشترك كالظلم الذي يقوم به القوي ضدّ الطرف الضعيف ، في تجاهل حقوقه أو حرمانه من حقّ مشروع ، وهذا لا يتعارض مع وجوب حماية الخصوصياتِ لكلّ مجتمعٍ (الدينيةِ والأخلاقيةِ والثقافيةِ ) فالاحترام المتبادل واجبٌ وليس من حسن الخلق أن يتحدّى أيّ فريق مشاعر الفريق الآخر ومن متطلبات العيش المشترك أن تحترم الأكثرية وبخاصة فيما يتعلق بالشعائر الدينية والقيم المرتبطة بالدين ، والإساءة للمقدسات الدينية مما يهدد العيش المشترك بين الشعوب والحضارات والتشهير ، والشعوب المتحضرة تحسن استعمال حقّ الحريّة للتعبير عن الرأيّ وليس , وليس من الحريّة أن يساء إلى المقدسات الدينية بأسم الحرية والإساءة للمقدسات تعبّر عن حقد ضد الآخر ، ولا حريّة لحاقد ، لأن الحقد يولد الرغبة في الإساءة ، والحريّة لا تُستخدَم للإساءة للتعبير عن الحقد .

( الزيارات : 736 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *