الفطرة والسر الالهي

كلمات مضيئة..الفطرة هي السر الالهي

 شغلت قضية الوجود  اهتمام المفكرين والفلاسفة منذ عصر الفلاسفة  القدماء , ولم يكونوا على خط واحد  وكان كل فيلسوف يناقض الاخر ويسفه ما يقول , لا اود ان اتحدث عن قضية الخلق  وما وراء الطبيعة  فذلك امرايمانى لا يمكن للعقل ان يبحث فيه ولا ان يصل فيه الى يقين , ومن الطيعى ان يكون هناك من الفلاسفة من يرى فى الوجود الجانب المادى المدرك بالحواس , ومنه يمكن فهم طبيعة ذلك الوجود , فالمادة وحدها هي الى تفسر ذلك الوجود والمادة تتكون من ذرات صغيرة تلتقى مع بعضها فى حركة اندماج لتكون بها الاشياء المادية فى الطبيعة , وعندما تنفصل تلك الذرات يكون الفناء , والانسان هو وليد تلك الذرات التى كان منها الانسان , وهذه نظرة قاصرة ومعظم الفلاسفة رفضوها لا من منطلقها المادى الضيق وانما لانها لا يمكن ان تكون مقبولة من الناحية العلمية , فهناك من الفلاسفة  وهم الاكثر والاهم ما يؤكد ان هناك ما يتجاوز المادة فى فهم الوجود , فالانسان هو جسد مادى ظاهر يمكن رؤيته , وهناك مالا يمكن ادراكه وهو تلك النفس ذات البعد الروحي الى تخفى سر الحياة , فالمادة وحدها لا يمكنها تفسير كيف يمكن للمادة ان تفكر من تلقاء ذاتها  وكيف يمكن للمخ ان يفهم الاشياء من تلقاء ذاته فكل الاشياء توجد فى الذهن قبل ان توجد فى الواقع , فالمادة وحدها عاجزة عن فهم الظواهر المادية نفسها , قوانين المادة لا تتحكم فيها المادة نفسها , وهناك مالا يمكن ادراكه بالمادة , وجود الذرات لا يعنى انها يمكنها ان تندمج مع بعضها من غير فهم لما يراد لها ان تكون عليه من وجود تلك الكائنات الحية فى الوجود , بتعددها وابداعها , هل يمكن للمادة وحدها ان تفسر ذلك الوجود بكل ما فيه , هناك سر فى الوجود لا يمكن انكار اثاره فى حياة الانسان , وهو الذى يعطى للمادة سر الحياة , قد نسمية الروح وقد نسمية السر الالهي الذى يسرى فى الوجود كله ولولاه لما كان الوجود كما هو عليه , والله هو نور السموات والارض وكل شيء فى الوجود يسجد له ويستمد حركته منه , لم تستطع الفلسفة الحديثة ان تنكر ذلك , و لقد اختلفوا فى التسمية وفى التعبير عنها , المؤمن يجد فى ذلك انه  السر الالهي الذى يبدع هذا الوجود , وغير المؤمن يعبر عنها باسم قوانين الطبيعة , لقد اكتشفوا تلك القوانين ولكنهم لم يستطيعوا فهم كيف يمكنها ان تعمل وتؤدى مهمتها , وهناك من يجد السر فى ذلك العقل الذى يمكنه ان يفكر ويبدع , من السهل غلينا ان نرى اثار العقل , ولكننا لا يمكن ان نكتشف كيف يمكن لذلك العقل ان يفكر وان يؤدى مهمته فى فهم الاشياء , ويمكننا ان نرى العين والاذن ولكن لا يمكننا ان نكتشف سر الرؤية وسر السماع وكيف تؤدى الحواس مهمتها , كنت اتامل فى فكرة الايمان واجد ان العقل بتكوينه المادى لا يمكنه ان يصل الى ذلك الايمان , ويحتاج الى البرهان العقلي الذى يؤكد له ما يراه , هناك قوة خفية هي موطن الايمان واليقين وهي الفطرة ويسميها الغزالى بالقلب , والفطرة هي سر الانسان , وكل انسان يمكنه ان يصل الى الله عن طريق الفطرة بشرط ان تكون تلك الفطرة صافية لم تلوث ولم تتأثر بما يجعلها متأثرة بمحيطها او بما يخرجها عن صفائها , الاصل فى الفطرة هي الايمان , فاذا انحرفت فقدت صفاءها  وهي كالماء لاتريك  صورة الاشياء الا اذاكانت صافية  فصورة النجوم لا تظهر الا اذا كانت صفحة الماء صافية , اما الاجساد فهي وعاء لذلك السر الالهي  , والاجساد تفنى اما النفوس فلا تفنى  وهي موطن  السر الالهي الذى يكون فى تلك الاجساد , وهو الذى يجعلها تختار افعالها الصادرة عنها , الفطرة هي ذلك السر الذى لا يمكن ادراكه , الفطرة الصافية تستمد سرها  من النور الالهي , وهي التى تلهم الانسان رشده وتجعله اكثر رحمة وانسانية وتوجهه الى الخير او الشر , والفطرة الايمانية هي التى تجعل العقول اكثر فهما وارقى قرارا , اذا انطفأت شعلة الفطرة او القلب كانت العقول اكثر انانية وعدوانية , عندما تكون الفطرة فى اصالتها  وصفائها تكون اكثرايمانا بالله ويقينا , كل انسان يملك تلك الفطرة ثم تضعف بتاثير التربية والتكوين والتقليد وتخبونورها  , ويتغلب عليها جهل الانسان وغفلته , مهمة التربية الروحية لا ان توجد ماليس موجودا وانما ان تنمى ما هو موجود فى الفطرة , ولهذا تقع الاستجابة السريعة لدعوة الايمان , الذين ينكرون اهمية الدين فى حياة الانسان لا ينكرون فكرة الدين وانما ينكرون ان يستغل الدين لغير ما اراده الله من ذلك الدين  لكي يكون الانسان اكثر حرية وكرامة ..

( الزيارات : 552 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *