ماكان وما يمكنه ان يكون .

ذاكرة الايام…ماكان وما يمكنه ان يكون .

ما زلت اذكر تلك الايام التى عشتها فى طفولتى , شيء ما كان يقلقنى ويشعرنى اننى لست كبقية الاطفال الذين هم فى نفس عمرى  ,  لم يكن يشغلنى ما يشغلهم ,  لم تكن لى صداقات الهو معهم , كنت اتساؤل عن اسباب ذلك , فلا اجد جوابا , لم يكن ذلك ليسعدنى , كنت احاول ان اقترب منهم وسرعان ما اضيق بما كنت الهو فيه , كنت كثير التامل واميل الى العزلة , وكنت قليل الانصات لما اسمعه كثير الشرود , كنت جادا اكثر مما هو عليه امثالى , كنت ابرر ذلك باننى كنت ارافق السيد النبهان طيب الله ثراه فى معظم اوقاته , واختلط باصحابه وكانوا اكبر مني سنا , كانوا اصحاب تجربة واسعة فى الحياة , كنت اسمع احاديثهم واهتم بما يهتمون به , لم اعش طفولتى ابدا , احيانا كنت احن الى حياة الطفولة واهتمامات الاطفال , كنت اكثر هدوءا واقل انفعالا , كنت اريد ان افهم كل شيء واسأل عن كل شيء , ما كنت اقتنع به افعله ومالا اقتنع به كنت لا افعله , كل شيء كان يخضع للتامل فيه , لم اقلد احدا ولا احب التقليد فى اي شيء , هناك الكثير مما كنت ارفضه لانه لا يقنعنى , ما يترجح لى انه الافضل افعله , لا شيء خارج التأمل فيه , كنت احب القراءة واقضى معظم وقتى فى قراءة  كل شيء , كنت احب الكتاب وابحث عنه , كنت فى البداية اقرأ كل شيء ثم اصبحت اختار ما يعجبنى وما يضيف لى شيئا لم اكن اعلمه , كنت اقبل ما يعجنى وارفض ما لا يعجبنى ,  واعتمد فى ذلك على معيار شخصى , هناك الكثير من المسلمات كنت لا اقتنع بها ولا اقبلها من الافكار والعادات , واتركها لمن اخذ بها , لا شيء خارج التأمل النقدى , عندما كنت فى الجامعة كنت كثير السؤال , فى معظم الاحيان لم يقنعنى الجواب , كنت اقرأ الكثير من الكتب البعيدة عن اختصاصى , كنت ابحث عن المعرفة كما افهمها بمعناها الشمولى , كانت لى علاقات صداقة مع كثير من اساتذتى , كانت تتجاوز ما هو متعارف عليه , كنت اشعر اننى مختلف عن معظم الاخرين من امثالى , قلة كانوا الاقرب الي , كنت اختار من اصادقهم ممن هم اقرب الي , كنت قريبا من الجميع وبعيدا عن الجميع فى وقت واحد , لم تكن تشغلنى الخلافات  والاهتمامات الصغيرة , كنت اتجاهلها ولم التفت الى الوراء ابدا , كنت احترم الوقت واحب ان استفيد منه , وكانت لى اوليات هي الاهم , كان يشغلنى العلم واهتم بمجالسه فى كل مكان اذهب اليه  واحترم رموزه , كنت احدد اهدافى القريبة والبعيدة , واسعى لتحقيقها ولا شيء خارج الامكان , كنت قاسيا فى محاسبة نفسي , ما اخطأ ت  كان يؤلمنى , وهو كجرح ينزف كلما تذكرته , اخطات كثيرا وتعلمت من تلك الاخطاء , ما احسنت فيه لا اذكره  وربما نسيته , وما اخطات فيه لا يغادرنى ابدا , ما زلت حتى اليوم اتعلم من تلك الاخطاء واندم عليها , مدرستى الاهم هي الحياة بما فيها من ازمات ومحن ولا خيار لنا الا ان نقبلها كما هي , لست فخورا بما كتبت من قبل من مؤلفات او مقالات , لو اردت ان اكتب من جديد لكتبت شيئا اخر اكثر تعبيرا عن قناعاتى ,  جهد العقول يتجدد باستمرار لكي يعبر عن مجمتمعه , كنت متفائلا بالمستقبل واليوم اشعر اننى اقل تفاؤلا , عندما كنا شبابا كنا نحلم وعندما استيقظنا على الواقع اكتشفنا اننا ما زلنا كما كنا لم نتقدم عما كنا فيه , ليس المهم ان نتعلم ولكن المهم ان نفهم ما تعلمنا هوننهض بعده , اخطر مرحلة فى حياة المجتمعات عندما يتمكن اليأس ويترسخ من النفوس , كل جيل يؤدى مهمته ويضع لبنة واحدة , مجتمعنا يملك طاقة ايمانية وروحية لو احسن فهمها والاستفادة منها لكانت حافزا له على النهوض , كل مسيرة اذا اختلف اهلها وتنازعوا امرهم فمن المؤكد انها لن تتجاوز مكانها , لا اجد من يقود هذه المسيرة , كنا نحلم ونتكلم ونكتب واليوم لا فائدة من كل ذلك , الفكر وليد مجتمعه , ويعبر عن اهتماماته , كنت ادعو للافضل واثق  ان النهوض يحتاج لامرين الثقة بالعقل والاعتماد على العلم , وكل منهما يحتاج الى تكوين الانسان المواطن المؤمن بالله والواثق من نصره  وهو المنطلق لكل نهضة بما يملكه من حرية  وكرامة ولا اجد فى الواقع ما يشير الى فهم ذلك , مهما كانت الرحلة طويلة فلا يمكننا ان نتوقف اوان نفقد الامل بالله تعالى ..

( الزيارات : 771 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *