القران ومنهجية الايمان

القرآن ومنهجية الايمان

عندما كنت انصت لكلام الله كنت اشعر وكانني اسمع القران الكريم لاول مرة ، كنت انصت له كخطاب من الله وكانني انا المخاطب به والمقصود منه  ، وكنت الاحظ ان الآيات  المكية تركز على التذكير بالله الخالق المبدع الذى خلق كل شيء بحكمة بالغة ,  والدعوة للتمسك بالعروة الوثقى ، وكنت استمد من الايات التى نزلت بمكة روحية الاسلام كمنهج ايماني لفهم الحياة من منطلق يجعل الانسان في مرتبة الانسانية في رقي فهمه لما فى الوجود من تنوع وابداع ، وكم كنت اهمس لنفسي :  كم نحن بعيدون عن الاسلام بما انشغلنا به من الاهتمامات الصغيرة عن المقاصد الكلية التى جاء بها القران الكريم ، الاسلام منهج متكامل يقوم على اعمدة اساسية ومنطلقات ايمانية لفهم الحياة اهمها , اولا : الايمان بالله وعبادته وحده تعبيرا عن الطاعة والشكر ،وعدم الشرك به والايمان بكل ما حاء من عند الله عن طريق رسله من الايمان بالغيب واليوم الآخر ، وثانيا : العمل لكل ما يصلح الحياة ويسهم فى كمال الحياة واستمرارها ، لان الله خلق الحياة وجعل الانسان مؤتمنا على هذه الحياة بما يحسن فيه  ، وسخر كل شيء له لكي ينتفع به لاجل كمال تلك الحياة ، وكل شيء مسخر للقيام بالمهمة التي خلق لاجلها ، لكي يكون الكمال بكل ذلك ، ومعنى الاحسان ان يكون كل سلوك انساني في خدمة الحياة ، ولو بزراعة ارض او اطعام دابة , ومقاومة كل ما يفسد الحياة ويتسبب في شقاء الانسان ومعاناته ، ولو بالعدوان على الطبيعة بما يفسدها ، كل جهد انساني يفسد الحياة يعتبر من الافساد الذي حرمه الله , والله لا يحب الفساد ولا المفسدين فيما افسدوا فيه ، وكل جهد يسهم في اصلاح الحياة هو عبادة يحبها الله ويثيب علبها , والله لا يضيع اجر من احسن عملا ، وثالثا : بيان الاحكام التكليفية التي امر الله بها والتي تسهم في اصلاح الحياة وتمنع الفساد بكل اسبابه ، وتشمل الاحكام كل ما امر الله من احكام تشربعية واخلاق واداب ، وترك لكل مجتمع ان يحترم تلك الاصول  بالكيفية التي تحترم فيها ارادة الله في احترام مصالح العباد المشروعة التي ضمنها الله لهم من منطلق العبدية لله ورحمة الله بكل عباده ، لا أحد خارج ملك الله ورحمته بكل عباده من غير تمييز بينهم الا بما يحسنون فيه مما يصلح الحياة ، لا شيء مما يفسد الحياة يحله الله ويبيحه ، ولا شيء مما يصلح الحياة يحرمه على عباده ، وكل المنكرات والفواحش محرمة لانها تفسد الحياة ، وكل ما فيه الصلاح والاصلاح فهو من الدين ويتقرب به الى الله ، هذا هو الاسلام , وهذه هي رسالة الله التي حملها رسله لكل عباده من قبل ومن بعد ، ويستمد الاسلام من كلام الله اولا ومن بيان رسوله ثانيا ، ولا يستمد من تراث الاجيال المتعاقبة، ولا من كتب التراث ، والتراث جهد اجيال عملت باخلاص وصدق  لخدمة العلوم الاسلامية واغناء المعرفة بها  وخدمة ، ويخضع هذا التراث لمعايير التفاضل العلمية والمنهجية التي يحترم فيها الاخلاص  في الجهد والصدق في العمل ، ما كان حسنا من تراث الاجيال يستفاد منه ويحمد اهله به ، ويذكر فضلهم فيه ، وما كان غير صالح لغير عصره فيحتفظ به كتراث اجيال فيما ترجح لهم الحق فيه ، وكل جيل مؤتمن على عصره ان يصلح ما استطاع , وان يمنع كل ما يفسد الحياة ، لا تبعية بين الاجيال ، ولا وصية لجيل على جيل ، والاجيال متكافئة متكافلة في الدفاع عن الحياة ، من احسن من تلك الاجيال  فله اجره على ما احسن فيه، ومن اساء من فرد او مجتمع اودو لة وافسد ولو بقطع شجرة او تلويث بيئة او عدوان على انسان او حيوان فعليه وزر ما اساء فيه ، الدين رسالة تذكير لمن كان غافلا عن الله ان يعود الى الله بعمل صالح , وان يمتنع عما يفسد الحياة من المواقف والسلوكيات المنكرة التي تهدد الحياة ، واكثرها فسادا للحياة المظالم فى الحقوق الناتجة عن الطغيان في الارض والاستبداد السياسي والطبقيات الاجتماعية التي تكرس قوة القوي وضعف الضعيف عن طريق توارث اسباب الطغيان الذي بفسد الحياة بما يدفع اليه من الاحقاد والكراهية والعنف ، اعداء الله هم اعداء الحياة في كل عصر ومجتمع وهم الذين بفسدون الحياة بما يفعلون ، ومقاومة اعداء الحياة من كل طغاة الارض ولو بالكلمة الناصحة الشجاعة والتذكيربالله والاعراض عن الظالمين  والزهد بما لديهم من المغريات جهاد مشروع لاجل الدفاع عن الحياة التي ضمنها الله لكل عباده ، وعندما يكون الاسلام رسالة هداية من الله لمنع الطغيان في الارض يلتف حوله كل المؤمنين بالعدالة والمطالبين بالاصلاح والحق في الحياة ، وعندما يصبح الاسلام مطية للطامعين في دنياهم من سلطة او مال او يصبح مهنة كسبية للدعاةً والمنتفعين به كما هو الحال في ظل الجهل والتخلف يفقد الاسلام اسباب قوته ودفء ما يخلفه من المشاعر في القلوب المتطلعة بفطرتها الى الله ، وكل فكر يتخلف بتخلف دعاته لان المجتمعات التي يعم الجهل فيها والتقليد ترى الاسلام في ملامح دعاته تشرق بهم صورة الاسلام اذا استقاموا و احسنوا وكانوا رموز خير وصلاح ، ويخبو بريق الدعوة بجهلهم وسوء فهمهم لرسالة الاسلام..،

 

( الزيارات : 573 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *