المؤمن على مراد الله

المؤمن على مراد الله:

ويؤكد الشيخ رحمه الله أن المؤمن يختلف عن غيره بأن مراده الله تعالى، وأنه لا مراد له غير الله فينصرف اهتمامه إلى ما هو محبوب إلى الله من الأفعال، ولا تخرج أفعال العباد عما هو محبوب ومكروه، فالمؤمن يفعل ما هو محبوب ويترك ما هو مكروه، وهذا هو معيار صدق الإيمان.

وغير المؤمن يفعل ما يمليه عليه هواه، لأنه خاضع لشهواته، ولا يبحث عن مراد الله، فما يسعده هو ما يوفر له اللذة العاجلة والمصلحة الآتية، وهذا هو معيار اختياره لأفعاله.

ويتميز المؤمن بالتزامه لمعيار اختياره، وهو ما هو مطلوب منه وما هو محمود وما هو محبوب، والمحب لا يحب إلا ما يحبه محبوبه، فمن أحب الله أحب مراد الله، فما يأمره به يفعله، وما ينهاه عنه بتركه، وهذا هو مفهوم الطاعة لله تعالى، ولا يختار ذلك خوفاً أو رغبة، وإنما يختاره حباً لله تعالى الذي أنعم الله عليه بنعم كثيرة.

ووسيلة المؤمن لمعرفة مراد الله تعالى هو التفكر والتدبر والتعلم وطريق ذلك هو مصاحبة الصالحين الذين يدلونه على الحق ويساعدونه على تعرف طرائقه، لئلا يضل طريقه، والغاية من مصاحبة الصالحين عمارة الباطن وهو القلب بالمجاهدة والتزكية المستمرة والتغلب على حظوظ النفس لكي يصل إلى الإيمان الصحيح الذي يثمر في قلبه النور ويساعده على العمل الصالح، وأول ما يجب أن يبدأ به هو إصلاح عيوب نفسه والتخلق بالخلق الحسن المحمود، وهو الغاية التي يريدها الدين في تربيته وتعاليمه.

ولا غاية للدين إلا إصلاح العبد لكي يكون عبداً لله ملتزماً بأحكامه وأوامره، يحب ما أمره الله به، ولا يأمره الله إلا بما هو أحسن وبما فيه الصلاح والاستقامة.

والمؤمن الحق هو من يكون ذلك النموذج الحي للإنسان الملتزم الذي يسعى بكل جهده للعمل الصالح، بادئاً بإصلاح نفسه ومنتهياً بمساعدة الآخرين على إصلاح نفوسهم، والنهوض بأمر مجتمعهم، وليست هناك غاية أخرى للدين.

( الزيارات : 1٬075 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *