المغرب ..كلمة وفاء

ذاكرة الايام.. المغرب كلمة وفاء

هناك سؤال كنت اسمعه في كل مناسبةً ، وهو كيف استطعت ان تكون مديرا لمؤسسة علمية تضم المئات. من العلماء من كل الاتجاهات ومن كل المدن المغربية لمدة ربع قرن بغير خلافات ولا منازعات بالرغم. من وجود اسباب تبرر ذلك وتدفع اليه ، تأملت في هذا التساؤل طويلا ، واستحضرت كل ما في الذاكرة من مواقف ، وكنت احاول ان اجد جوابا لنفسي مقنعا ، اعترف انني واجهت صعوبات  في السنة الاولي والثانية وكانت قاسية وتحدثت عنها ، ثم. انتهي كل ذلك فيما بعد ولم اعد اشعر بذلك  ، في موطن المسؤولية لابد من وجود خلافات ومنافسات ، وهذا امر طبيعي  وظاهرة حتمية ، كنت اتعامل مع ثلاث جهات اساسية في وقت واحد ، مع جهاز اداري. مساعد ، ومع ادارات مغربية متعددة وذات نفود ، ومع علماء اصحاب مكانة في مجتمعهم وينتمون لمختلف الاتجاهات الفكرية. ، وتأملت في ذلكً طويلا ، كنت اسمع هذا السؤال ، وكنت احاول ان اجد تفسيرا ، وكل الاسباب التى كنت  اهمس بها لنفسي ليست كافية مع وجود المبررات لذلك ، وقد اشتدت الخلافات في السنة الاولي الي درجة كبيرة شعربها الجميع ، واعترف انني تعلمت الكثير من هذه التجربة القاسية ، كنت بطبيعتي لا احب الخلافات واتجنبها وقلت لمن اراد ذلك ما جئت لكي اختلف مع أي احد  ، واعترف انني اخطأت كثيرا في البداية بسبب جهلي بامور كثيرة كانت جديدة على ، وكان يجب أن افهمها ، وهناك اسباب  ساعدتني في اداء مهمتي ، واستطيع ان الخصها في اسباب اربعة:

اولا : ثقة الملك الحسن الثاني بي ، وهذا هو السبب الاهم. الذي ضمن لي الشعور بالقوة والطمأنينة ، ومن طبيعة المغاربة ان يحترموا قرار الملك ولولا ثقة الملك لما تمكنت من الاستمرار ،

ثانيا : طبيعة الشخصية المغربية ذات القيم الحضارية في السلوك الاجتماعي ، واعترف بخصوصية المجتمع المغربي في امرين ؛ عقلانية مواقفه ، ورقي  الشخصية المغربية ، واعترف ان كل من عرفتهم وتعاملت معهم كانوا في درجة عالية من التهذيب الاجتماعي ، وقد يسرلي ذلك في تكوين صداقات كبيرة مع رموز وطنية ذات مكانة في مجتمعها ، ويحظي العلم في المجتمع المغربي باحترام. لم اجد مثبلا له في اي بلد اخر ، وهذه ظاهرة حضارية تستحق الدراسة والاهتمام ،

ثالثا ؛ هناك سبب لا فضل لي فيه ، وهو ان المغرب احسن الظن بي ، وهذا من فضل الله تعالي ، لم اكن كما ظنوا ، وهيئ الله لي من وقف الي جانبي في كل الازمات ، وانا مدين لكل الاصدقاء والاعوان الذين كانوا الي جانبي من الاداريين والعلماء ، كانوا خير عون لي في كل المراحل ، وكانوا اوفياء ومخلصين ،

رابعا : وهو الاهم ان الله تعالي شرح القلوب ، فكانت خير عون لي في رحلة الربع قرن المغربية ، كنت ادعو الله ان يوفقني ويسدد خطاي لكي اخدمهذا البلد , اعترف انني احببت المغرب بصدق،وانني اري الامل فيه ، وارجو الله. ان يحفظ عليه نعمة الاستقرار ، المغرب يستحق مني ان اشكره من كل قلبي لانه وثق بي واحسن الظن بي ، وعرفت الكثير من كرام الاسر المغربية العريقة ، لم اشعر يوما بغربة في المغرب ، وامضيت قرابة الاربعين سنة كعضو في الاكاديمية المغربية ، وكنت الوحيد من غير المغاربة من الاعضاء المغاربة من كل الاتجاهات الفكرية ، وكنت اقول لنفسي كم نحتاج الي ان نتقارب فكريا ،وينصت بعضنا للبعض الاخر ، كنت اضيق بتلك. المنهجية في التصنيف والتمزيق والتفكيك تحت أي شعار ، كم هو جميل ان نكون كاسرة انسانية واحدة يجمعنا الرحم. الانساني ، وان نعمل معا لاغناء الحياة بالجهد الصالح الذي يسهم في رقي الحياة الانسانيةً لكي يتميز الانسان فيها بقيم الانسانية وان يكون مؤهلا  لمرتبة الاستخلاف في الارض ، كنت. افهم ذلك من خلال القران الكريم كخطاب الهي ورسالة سماوية من الله الي كل عباده ، لكي يكونوا صالحين ومصلحين لاجل استقامة الحياة التي ارادها الله ان تكون. لكل خلقه ، والله يفصل بين عباده. يوم القيامة فيما اختلفوا فيه .

 

( الزيارات : 469 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *