الوسام الاكبر لمن يستحقه

                            

 

علمتني الحياة

أنّ الوسام الأكبر يجب أن يُمنَح لمن يستحقه ممن ضحوا بأغلى ما يملكون من حياة أو صحة أو مال أو أولاد وأقدموا على التضحية وهم عازمون على الجهاد وراضون بتلك التضحية , وهم لا يطلبون من وراء ذلك كسباً أو مجداً أو شهرة , وإنما يفعلون ذلك قياماً بواجبٍ ديني ووطني , إرضاء لله تعالى وامتثالاً لأمره ..

هؤلاء وبسبب إخلاصهم وصدقهم قد يكونون أجدر بالوسام ممن يُمنَح لهم الوسام من بعض القادة الذي قد يُنسَب النصر إليهم وهم أقلّ تضحيةً من جنودهم المجهولين , ولهذا يُكرَّم الجندي المجهول الذي لا يعلم أحد اسمه ولا يروي الرواة قصص مواقفه وحجم تضحياته .  

وبعض الزعماء يكتسبون صفة الزعامة وهم لا يستحقونها , وينسب إليهم مجتمعهم من التضحيات والمواقف الوطنية مالم يفعلوه , وفي الوقت ذاته تطوى سجلات من صنعوا مجد هؤلاء الزعماء , ومن فتحوا لهم طريق المجد والنصر من رفاقهم وقد يُدفَع هؤلاء إلى أقبية النسيان وقد يُشوَّه نضالهم ويقع تجاهل تضحياتهم , ويغتصب النصر من صانعيه , وينسب لمن لم يشارك فيه ممن يملكون الذكاء والدهاء وهذه هي سنة الحياة .. 

والتاريخ يكتبه المنتصرون كما يريدون , يرفعون صورة من شاءوا ويشوهون صورة من شاءوا ,فالمنتصر يملك كل الصفات العظيمة من الذكاء والاستقامة والوطنية ، والمنهزم تنسب إليه كل الصفات السيئة من الفساد والخيانة والظلم , ولذلك يجب أن تعاد كتابة التاريخ بموضوعية وحياد وإنصاف , وأن تمنح أوسمة التكريم لكلّ من ساهم في خدمة وطنه وشعبه , وأن تُسحَب أوسمة التكريم ممن لا يستحقها ممن أساءوا لشعوبهم والوسام الكبر يجب أن يمنح للشعوب وليس للحكام , وللجنود وليس للزعماء , ولا وسام أسمى من وسام الوطنية ولا فخر أعظم من الفخر الذي يحققه المظلوم دفاعاً عن حريته وحقوقه , ولا نصر لأيّ حربٍ ظالمة , والمعركة دفاعاً عن الحريّة يجب أن تستمر , ومن مهمة الثقافة أن تعمق الشعور بأهمية الحريّة في حياة المجتمعات..

( الزيارات : 658 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *