الوهابية فى الميزان

* كلمات مضيئة.. الوهابية فى الميزان

الحركة الوهابية هي حركة دينية نجدية النشأة والتكوين  ذات توجه سياسي وتحمل الكثير من خصال الصحراء وخشونة اسلوبها  وتهدف لتحقيق اهداف سياسية من خلال شعار الجهاد  ، وتعبر عن اسلام نجدي الملامح ضيق الافق يزمن بالعنف كمنهج للدعوة  متأثرًا بالواقع القبلي الذي كانت عليه نجد من المغالبات القبلية والصراعات علي الغنائم والغزو. المتبادل بين القبائل المتصارعة علي النفوذ عن طريق الغلبة ، وعندما ظهر محمد بن عبدالوهاب فى مجتمع نجد انكر الكثير مما كان منتشرا من العادات والاعراف التى انحرفت كثيرا عن الاسلام الصحيح كما يراه  , وحاول ان ينكر الكثير مما كان فى مجتمعه , وهناك فى المجتمعات الاسلامية الكثير مما يجب انكاره من المعتقدات الناتجة عن الجهل , كان اسلوبه متأثرا بحياة الصحراء وخشونة البادية , وكل فكر يعبر  عن قيم مجتمعه كما هو عليه ، ولا احد خارج ما تربي عليه , بعض ما انكره كان محقا فيه مما ينافى اصول العقيدة , وتلك هي محنة الدعوة عندما لا يتربى رموزها تربية روحية ويسيؤون ويظنون انهم يحسنون ويجرحون المشاعر فيما يبينون وينصحون , ورفعوا شعار الكفر والشرك ضد كل المخالفين لهم وخلطوا عملا صالحا بآخر سيئا , ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا ، كان محمد بن عبد الوهاب هو وليد ذلك المجتمع النجدى الضيق ، وقد وجد فيه ال سعود ضالتهم التي يبحثون عنها لكي يتمكنوا. من التميز عن القبائل الاخري بدعوة دينية تجعلهم اكثر قوة. وتلاحما واستعدادا للتضحية ، العصبية القبلية عندما. تتبني دعوة دينية. تصبح بها اكثر قوة لانها تغذى فيها  العاطفة الدينية ويصبح القتال مبررا والتضحية جهادا فى سبيل الله ، ووجدت قبيلة  ال سعود  النجدية الطامحة الى حكم نجد . في تلك الدعوة ما يمكنهم من التغلب علي الاخرين من القبائل تحت شعار الدين ومقاومة كل المشركين والضالين ممن دفعهم الجهل الى اعراف تتنافى مع ثوابت العقيدة ، وكان التحالف قويا بين الشيخ والقبيلة وكل منهما يستعين بالاخر لبلوغ ما يريده , تلك ظاهرة نراها كثيرا فى التاريخ والحاكم لا يعطيك شيئا الا ان ياخذ ثمنه واهم ثمن له ان تنحنى له لكي تكون مطيته الى ما يريد , الداعية يريد ان تنتشر دعوته والحاكم يريد ان يصل الى غايته , ومن طبيعة الحكام انهم يشجعون الافكار التى تخدمهم ويتجاهلون ما يضرهم او يقيد سلطانهم , اشد انواع الطغيان واخطره هو الذي يبرره الدين فيكبر باسم الدين ويستمد شرعيته من الدين ، وليس من  الدين ان  يصبح الدين مطية للطامحين في الحكم ، ومن طبيعة الفكر  ان يتاثر بمجتمه وبالبيئة التى اسهمت فى تكوينه ،الدعوة الوهابية تعبر عن اسلام نجد وهي ثمرة ذلك التحالف بين الحاكم والداعية ، ولذلك كانت الوهابية تحمل خصائص القبيلة والصحراء والحروب والمغالبات. , لا نجد فى الوهابية أي حديث عن العدالة الاجتماعية والحقوق الانسانية والاصلاح السياسي والفساد فالحاكم يملك بحكم البيعة ما يشاء ولا يحاسب ولا يقاوم , ما اقسى ان يقع التحالف بين الحكم والدين فيكون الطغيان حقا للحاكم والظلم عدالة  ، لقد استغل ابن عبدالوهاب الاخطاء التي كانت منتشرة في مجتمع الحجاز لإنكارها ، وأبرزها تلك المبالغات التي اصبحت. غير مقبولة وتخالف ثوابت العقيدة ، كانت الأضرحة كثيرة وهناك مظاهر كثيرة من المبالغات والبدع الناتجة عن. الجهل والأمية ، ورفع ابن عبد الوهاب شعار محاربة البدع في الدين التي أضيفت الي الدين وليست من الدين ، كانت هناك الكثير من البدع التي تستحق الإنكار ، وهذا امر لا خلاف فيه بين العلماء ، والعودة الي منهج السلف الصالح والاهتمام به من خلال توثيق الرواية والاهتمام. بالحديث امر لا خلاف فيه ، واهمه التصدي للبدع والمبالغات والتوجه الي عبادة الله. وحده وعدم الشرك به ، تلك افكار تستحق الاهتمام ولا خلاف في قبول هذه المنهجية ، الا ان التوجه السياسي دفع هذه المنهجية الي المبالغات التي اساءت لتلك الافكار ، وبخاصة انها نشأت في بيئة يغلب عليها الجهل والأمية والعصبية والصراعات القبلية والحروب والغزوات ، كل الافكار تتأثر بمجتمعها وتعبر عنه ، لقد استطاعت قبيلة ال سعود الطامحة لحكم نجد انً تجد في هذه الدعوة مطية لطموحها السياسي في التغلب علي القبائل الاخري ، واستطاعت ان تحقق ما ارادت وان توسع نفوذها في الجزيرة العربية ، وتصدت لها الدولة العثمانية عنً طريق الجيش المصري وقضت علي هذه الحركة التى كانت تتصدى لامارة ال الرشيد التى كان موالية للدولة العثمانية ، ولما استطاع عبد العزيز بن سعود من استعادة حكم ال سعود في الرياض أرادت بريطانيا ان تسخره للتصدي لنفوذ ال الرشيد الذين كانوا  يوالون الدولة العثمانية ثم للتصدي لنفوذ الهاشميين في الحجاز والتخلص منهم لئلا يطالبوهم بتنفيذ وعودهم بانشاء مملكة عربية واحدة فى بلاد العرب ، وأمدت بريطانيا عبد العزيز ال سعود بالسلاح والمال وهيات له احد ضباطها  لكي يكون مستشارا ومساعدا وهو فيلبي لكي يشجع عبد العزيز على انشاء معسكرات جهادية للقتال تحت شعار الجهاد فى سبيل الله   واستطاع ان يوحد الجزيرة العربية وان يقضى على دولة الهاشميين فى الحجاز وان يقيم المملكة العربية السعودية , ولما انتهت الحرب العالمية الثانية تم الاتفاق بين رئيس امريكا وملك السعودية على النفط لقاء الحماية وان تحافظ المملكة على مصالح امريكا فى العالم العربية والاسلامى , وادت المهمة بكفاءة , ما يريده الغرب فى هذه المنطقة يكون ومالا يريده لا يكون  ، وابتدأت الحركة الوهابية تنمو وتتسع في العالم العربي كمذهب. إسلامي ودعوة اصلاحية  يخدم السياسة السعودية فيما تريده من اهداف ، وكانت تمول رموز هذا الفكر  وتتبناهم وتدفعهم الي الواجهة لخدمة سياستها في كل المنطقة العربية وفي كل البلاد الاسلامية ، كانت تشجع كل تلك الرموز وتمكنها فى مجتمعاتها وتمولها بالمال وتنشر الفكر الوهابي  وتطبع كتبه ، وأنشأت الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة لتكوين علماء يحملون هذا الفكر فى كل الدول الاسلامية ، وأنشئت جامعة الامام في الرياض التي تضم معاهد وكليات تعرف بهدا الفكر و ترسخه ، ولما امتحن تنظيم الاخوان المسلمين في مصر ايّام جمال عبد الناصر وفي سوريا والعراق فى  ايامً حكم البعث احتضنتهم السعودية واعتمدت عليهم كقاعدة شعبية لها وكفاءات. علمية وثقافية وأسندت اليهم مهمة التربية والتعليم في المملكة وشجعتهم في كل مكان اخرللترويج لسياستها  ، وأصبح الكثير  منهم من رموز  السلفية الوهابية واقتربوا كثيرا منها وكانت السعودية تعتمد عليهم في مواجهة خصومها كقاعدة شعبية والتصدى لفكرة القومية العربية والافكار الاشتراكية ,  واستمر التحالف بين السعودية والإخوان اكثر من أربعين سنة ، واستطاع الإخوان ان يكونوا جيلا في المملكة متأثرًا بأفكارهم ، ولما تصدعت العلاقات بين الطرفين. وفقد كل فريق ثقته بالآخر ، توقف ذلك التحالف وابتدأت الخلافات تبرز الى العلن ، واصبحت السعودية تطارد فكر الإخوان وتعتقل الرموز السعودية ممن تأثروا بفكر الإخوان ، واصبح مركز الاخوان المسلمين دولة قطر التي احتضنتهم. وتركيا التي اعتمدت عليهم كقاعدة شعبية لترويج سياستها فى المنطقة العربية والدفاع عنها ، ما اقسي ما فعله جميع هؤلاء بالإسلام رسالة الله لكل عباده ، الكل يوظف الاسلام لخدمة طموحاته السياسية ، والكل يعمل لمصالحه. الدنيوية ، لا احد يعمل للاسلام كرسالة الهية لهداية الانسان الي الطريق الذي يحبه الله لعباده ، ما نراه ليس هو الاسلام ، يجب ان يتحرر الاسلام من كل مصالح الانسان لكي يكون رسالة هداية لكل عباد الله  ، من اراد الله فالطريق اليه سالك ، ولا يحتاج لمن يدله عليه ، الانسان مخاطب بامر الله ان يؤمن به وان يعمل صالحا ، فمن امن واستقام وعمل صالحا فهو الاقرب الي الله ، ومن اراد الاسلام مطية له لدنياه فلن يفلح ابدا ولن ينال ما يريد ، وسوف يـُمتحن بما ادَّعاه ،. نحتاج الي فهم اعمق لرسالة الاسلام بعيدًا عن التوظيف لخدمة المصالح الدنيوية ولتبرير طغيان الطغاة وفساد الفاسدين ، الكل يعمل لخدمة مصالحه ومن المؤسف ان اعداء الاسلام الذين. يخشون  من قوة الاسلام ووحدة المسلمين هم اكثر الناس توظيفا للاسلام. لتفتيت وحدة المسلمين وهم الذي يشجعون التعصب والعنف  لتشوية صورة الاسلام ويوجدون اسباب الكراهية والخلافات المذهبية والطائفية في المجتمعات الاسلامية ، لا بد من التمسك بأخلاقية الاسلام وآدابه وفهم ما يريده الله من عباده من احترام الحياة واحترام الانسان في كل حقوقه والرقي في السلوك الانساني واختيار النظام الاجتماعي الذي تتحقق به العدالة في الحقوق والكرامة لكل عباد الله ..

( الزيارات : 817 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *