اين الحقيقة

كلمات مضيئة . اين الحقيقة
كيف يمكنني ان اثق بعقلي وحواسي ومشاعري وانا اجد نفسي.متناقضا في أحكامي متأثرا بعواطفي وانفعالاتي ، وفِي كل موقف اري نفسي في موقف يناسبه و يعبر عنه ، ومن المسلمات المنطقية انه لا يمكن للموقف العقلي ان يكون متناقضا ابدا ، الجمال لا يجتمع. مع القبح ابدا ، ولا المحبة مع الكراهية ، ومع هذا كنت اجد كل ذلك في الانسان كما هو عليه ، عندما يحب شخصا يري كل الفضائل فيه. ويمدحه فيها ولا يري غيرها ابدا ، واتكلم عن الصادقين.  كما هم فى العاددة ولا اتكلم عن غيرهم ، وفِي اليَوْم الثاني يختلف مع ذلك الاخر  في امر من الامور  فيري فيه كل الرزائل. وكل أوجه النقصان ، في تلك اللحظة يستعيد من الذاكرة كل الذكريات السيئة ، ويحكم علي ذلك الصديق الذي كان يحبه بالأمس بما اصبح عليه من السوء والقبح. ، تلك ظاهرة تتجدد كل يوم في حياتنا ، كل أصدقائنا الذين كنا نحبهم بالأمس يصبحون اعداء سيئين عندما نختلف معهم ونحقد عليهم ونتمني لهم الشر والفشل فى حياتهم ,  ونفرح بما يصيبهم من المحن تعبيرا عما نحن فيه من الغضب  ، كيف يمكن ان يكون الاخ الشقيق و الصديق القريب الذي عشنا معه. اجمل ايّام الطفولة ان يصبح عدوا. عندما. نختلف معه. في مصلحة. مادية. ، وكيف يمكن لمن جمعتهم اجمل الايام من الأزواج ان يصبحا عدوين خصمين عندما ينشب بينهما الخلاف ويسعي كل منهما للإساءة للآخر متجاهلا كل ما كان من المودة ويفرح بمحنته. وآلامه ويتمني له الشر ، كنت اتساءل ، كيف يمكن للعواطف ان تتبدل بين يوم واخر بسبب ذلك الخلاف علي ما تطمع فيه النفوس ، و قد يكون صغيرا ولا قيمة له. ، وذلك عندما يقع التنافس عليه والتنازع على امتلاكه ، ما الذي تغير في ذلك الانسان ، عندما ينتقل من الرحمة الي القسوة ، ومن المحبة الي الكراهية ، كل شيئ يتغير فيه ويفقد انسانيته وكل مشاعر الرحمة ، اليس العقل هو العقل وميزان التفاضل واحد ، ما الذي تحدثه المصالح في ذلك الانسان ، فينقلب من صديق وحبيب الي عدو يسعي للإساءة ويفرح بها ويعتبرها انتصارا ، كم من أشقاء جمعتهم الطفولة بأجمل ذكرياتها وكانوا احبة ، وأصبحوا فيما بعد اعداء يسعي كل اخ للإساءة للآخر بكل الوسائل ، ما ذَا تفعل المصالح بذلك الانسان عندما يغضب ولا يستطيع ان يمسك بزمام غضبه ، انه ينقلب بسرعة من المحبة الي الكراهية ، واحيانا من الكراهية الي المحبة والصداقة ، رأيت الكثير من تلك المواقف ، وكنت اقف أمامها متسائلا حائرا ، واقول لنفسي : كيف يمكننا ان نثق بالعقل. وما يترجح لنا انه الحق والصواب ،لا احد يعترف لنفسه انه علي خطأ ابدا ، ولا احد يري ظلمه وتجاوزه ولو كان ظالما في نظر كل الاخرين ، كل هذا يثير في النفس تساؤلات. حقيقية ، ما الذي يضمن لنا اننا علي صواب فيما نحن فيه من الافكار والمواقف ، كل الاحتمالات ممكنة في نظر العقل نفسه ، والعقل يعمل بطريقة غريزية. تتحكم فيه المصالح. المادية اولا ، من يخدمك. ويقف الي جانبك. تحبه وتمدحه وتجد كل الفضائل فيه ، ومن. يقف في وجه مصلحة من مصالحك فانك تراه عدوا وتكرهه. وتجد فيه كل المساوئ ، وتحاول ان تنبش في تاريخه  لكي تجد ما يبرر لك الاساءة اليه وتشويه سمعته ، تلك هي محنة الانسان عندما  تسيطر مصالحه علي فكره ومواقفه وقراراته وموازين التفاضل لديه ، كل هذا دفعني للشك في مدي قدرات العقل علي التمييز العادل والترجيح الصحيح ، الحق في نظر العقل هو الذي يجد مصالحه فيه ، ويحقق له ما يريد ، كل انسان يبحث عن الطريق الذي يجد ذاتيته فيه ويراه هو الصواب الذي يتمسك فيه ، كل انسان. يبحث عن ذاتيته من خلال تلك المصالح التي يسعي اليها ، من طبيعة الانسان انه يبرر لنفسه ما يجد مصلحته فيه ، هناك صوت خفي لا يسمع ولا يعترف به يخاطبك فى لحظة تأملاتك ، انه صوت الضمير الذي يخاطب صاحبه في لحظات صفائه  ، انه يملك. مالا يملكه غيره من الشجاعة ان تخاطب صاحبه بمالا يريد ان يعترف به من الحقيقة ، انه يقول لصاحبه هامسا ، ذلك الاخر الذي تعاديه هو الافضل منك ، وهو اقرب الي الحق منك لانه يمثل صوت الضمير ، تلك التأملات التي اعترف انها غيرًمفيدة وغير واقعية كانت ثقيلة وتعيدنا الي نقطة البداية ، انها تدفعنا للشك في كل المسلمات العقلية ، وتفقد العقل هيبته واستقلاليته وتجعله اداة تعمل. بطريقة غر يزية ، لا شيئ من المسلمات العقلية خارج. الوصاية الغريزية ، المطامع اولا والاحقاد ثانيا ، نحب من نجد مصالحنا معه ونري فيه فضائله ، ونكره من يقف في طريقنا ونخاصمه ونعتبره عدوا ونعلن الحرب عليه ونجد فيه رزائله ونبحث عنها في كل سجلات حباته ، واحيانا ننسب اليه كل المفاسد ظلما وزورا ، الا يحق لذلك الانسان ان يعود لحجمه وان يتوقف عن غروره الغريزي وان ينتقل من تلك البدائية الجاهلة الي الانسانية المؤتمنة علي الحياة ، الانسان اسير تلك المصالح التي التي تتحكم فيه ويحاول ان يجعلها مطيته لمافيه هواه ، ما نراه ليس الحقيقة ابدا ، اننا نري ما نحب ان نراه ، صورة الاشياء كما نحبها ان تكون من النافذة التي نطل منها علي الحياة ، ليست هناك حقيقةً. مطلقة ، هناك حقيقة مدركة ونسبية ، وتعبر عن المحيط الضيق الذي يعيش فيه ذلك الانسان .، لا اجد اليقين المطلق في كل المعقولات الحسية ، ولا اجد ان الانسان يحتاج الي ذلك اليقين ، ما يدركه ذلك العقل هو اليقين الممكن الذي لا يحتاج ليقين بعده ، ما الذي يتغير في هذا الكون لولم يكن كما هو عليه ، لا شيئ في هذا الوجود هو كما هو عليه في نظر العقول ، ما نتصوره من الكون هو الصورة الوحيدة لهذا الكون ،ومالا نتصوره فلا حاجة اليه ولو كان. موجودا. ، ما ندركه من هذا الوجود هو مانحتاج اليه لكمال. حياتنا ، وهو الذي يقع التكليف به وتستقيم الحياة به ..

( الزيارات : 493 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *