تأملات اسلامية طموحة

 كلمات مضيئة..تأملات طموحة

كنت اتساءل مع نفسي هامسا : هل ما نحن فيه هو الاسلام…من المؤكد ان ما نحن فيه ليس هو الاسلام .. ولا يمكن ان يكون هو الاسلام..  ونريد ان نقنع انفسنا ان هذا هو الاسلام..هناك من يحسن الفهم ولا يريد ان يقول  شيئا , الدين رسالة الهية , وكل الاديان تؤدى رسالة واحدة هي الدعوة الى الايمان بالله والعمل الصالح والاستقامة واحترام الانسان , الانسان مكلف ومؤتمن وعليه ان يختار طريقه بارادته واختياره وقد وضع الدين له ثوابت واصولا تيسرله الطريق وهي مشاعل تنير له الطريق  , ان احسن فله اجره ومن اساء وظلم فعليه وزره , كل الاسرة الكونية مؤتمنة على الحياة ومتكافلة لحماية تلك الحياة , لا احد لا يملك الارادة والاختيار لان التكليف يحتاج الى ارادة المكلف , وهذه الارادة لاتنفى ان لا شيء فى الكون الا بمشيئة الله , لا احد يفعل مالا يريد فعله  , وكلنا نفعل ما يريد , والتكليف يحتاج الى اهلية التكليف وهو العقل , العقل يدرك الخير والشر ولكنه قد يضعف  وتتغلب عليه الغريزة فيرضخ الانسان لها , والغريزة ملحة وعمياء وما تريده قد يكون ضروريا لكمال الابدان والنفوس , ولكنها قد تطغى وتتحكم وتتحاوز الرغبات ماهو ضرورى الى ماتطمع فيه , الغريزة تطلب مافيه كمالها من الطعام ومطالب البدن واحيانا تطمع فيما هو بيد الاخرين , ولا حدود لطغيان النفوس عندما تشعر بالقوة فيشتد الطمع الى يكون عدوانا على المستضعفين ,  التكليف يشعر الانسان بمسؤوليته عما يفعل من خير او شر , مهمة الدين ان يمسك بزمام النفس فلا تتجاوز حدودها , وتكون اكثر رحمة وانسانية وارقى سلوكا , الحياة لا تستقيم الا بالرحمة والحب والتعايش والتكافل لتخفيف معاناة المستضعفين من الافراد والشعوب  , الاقوياء يحملون الضعفاء , والاغنياء يتكفلون بالفقراء , وكل انسان مكلف بما حوله رعاية وكفالة , الفردية انانية وسفينة الحياة تضم الاقوياء والمستضعفين, و الحياة لا تستقيم بانعدام العدالة وليس عدلا ان يكون هناك من هو جائع لا يجد الطعام , طغاة الارض اذا علوا افسدوا , لا بد من العدالة والرحمة لكي يكون التعايش ممكنا , قساة القلوب يستفزون المشاعر ويظنون انهم بما يملكون يتميزون عن الخلق , والله اكبر منهم  , لكل انسان قيمة جهده بالمعروف لا يتجاوزه  , لا كسب بغير جهد , فضول الاموال تذهب لكفاية المحتاجين اليها , ما ئدة الله ممدودة لكل خلقة , والكل يأكل من رزق الله فاذا حمل البعض معه ماهو حق لغيره فقد ظلم , كل من اغتصب حقا فقد ظلم , وما تجاوز قيمة الجهد العادل فهو اغتصاب لحق المستضعفين  ,  الارض لمن يعمل فيها , لا احد يملك الارض ولا احد يملك البحر ولا الفضاء ولا كل الثروات الكونية التى هي ملك لكل خلق الله , لا احد يملك ما يملكه الاخر  , الاستيلاء على الثروات الكونية اغتصاب لماهو حق لكل العباد, لكل جيل حقه فيما يحتاج اليه , العامل والتاجر والمزارع يملكون قيمة جهدهم والمال لا ينمو الا بالعمل , وما يكبر بغير جهد فالمجتمع احق به , ما فى الطبيعة لا احد ياخذ منه اكثر من قيمة الجهد  , الربح المشروع هو قيمة الجهد المتعارف عليه , فمن زاد فقد اغتصب وظلم , كل زيادة عن قيمة الجهد فهو من الربا المحرم , والربا هي الزيادة التى ارتبطت بظلم او استغلال لحاجة محتاج  الربح الفاحش ربا , من استغل حاجة الاخر فقد دخل فى الربا فى بيع او قرض او اي معاملة مالية وهذا موضوع تكلمت فيه فى الدروس الحسنية امام الملك الحسن الثانى وكتبت فيه كتابا بعنوان مفهوم الربا  , الفقير يعان الى ان يستغنى عن السؤال ,  , والعاجز يحمل  واليتيم امانة في يد من هو قيم عليه , حقوق الاطفال ثابتة لاتسقط ولا تضعف ولاتهمل ولو اختلف الدين والمذهب والانتماء, الحقوق الانسانية ثابتة لانها عطاء من الله لعباده  , ولكل مجتمع ان يختار نظامه الاجتماعى والسياسي والاقتصادى بما يراه الاصلح والاعدل وهذا حق لكل مجتمع وشعب , كل نظام او قانون او عرف يحقق مصلحة مشروعة واهمها ضمان الحقوق وتحقيق العدالة فيجب احترامه وكل نظام يؤدى الى مفسدة وظلم فهو غير صالح , الدين يؤيد العمل الصالح وكل ما يترجح انه الصلاح  , والانظمة تنسب لمجتمعها وتعبر عنه , ماكان صالحا فالدين يباركه , وماكان فاسدا وجائرا فالدين لا يبرره , لا احد اولى من احد بحق يملكه كل الاخرين الا بتفويض ارادى مشروط بالعدالة واحترام الحقوق والمصالح , لا وصاية على الدين ولا ينسب الى الدين ماليس منه من الافكار والمفاهيم  , ولا احد اقرب الى الله  من احد الا بالعمل الصالح,  من ليس من اهل التقوى فلا يوثق به , الدين خلق وادب ورحمة , فمن اراده اداة لدنيا يطمع فيها او سلطة يسعى اليها او مال يطمع فيه فقد اساء الى الدين وتجرأ على الله فى تسخير رسالته لغير ما اراده الله , امر الخلق لخالقهم ولا وساطة بين الانسان وربه , ولا احد ارحم بالخلق  من الله , وكل المذنبين والعاصين لا يخرجون عن ملك الله وامرهم الى الله ومن ازدراهم  وحكم عليهم من تلقاء نفسه وتدخل فى عدالة الله فقد اساء الادب مع الله وكان من الغافلين  , من ادعى القرب من الله ولو كان صالحا وتقيا وانه يملك عند الله حق الشفاعة عن العاصين فقد اساء الادب وكان من الجاهلين , ما اراده الله كان , ولا احد من الخلق يملك من امر نفسه او غيره شيئا , تحترم المقاصد المرجوة من الاحكام,  واهم المقاصد هي تحقيق المصالح التى لا تستقيم الحياة الا بها , وما يراه المجتمع صالحا وعادلا وما فيه المصلحة المشروعة له فيجب احترامه , ولاتنفصل المصالح عن المقاصد , المقاصد هي المصالح , وما اجمع عليه المجتمع فيجب احترامه ولا يتجاوز من اجمع عنه , ومن رأى المصلحة فى امر ثم تبين له خلافه فمن حقه ان يرجع عما اجمع عليه , وما جاء عاما فيمكن تخصيصه وماجاء مطلقا فيمكن تقييده بالمصالح , والمصالح تقيد وتخصص ولا تلغى اصلا , وكل مجتمع هو اولى بقضاياه وهو المكلف بها , وجهد العقول لا يتجاوز مجتمعه , ولكل عصر خصائصه ومفاهيمه , ولا يمكن للجهلة ان يكونوا مؤتمنين على الدين , وفى عصر الجهل والتخلف يشتد التقليد وتقديس التاريخ وانتشار ثقافة الحكايات المتوهمة او المبالغات غير المقنعة التى لا تتفق مع منهج العقول فيما تراه ممكن الحدوث , تراث الاجيال يحترم كتراث يعبر عن جهد الاجيال المتعاقبة وتجاربها  فما كان حسنا يستفاد منه وما كان لا يتجاوز عصره يترك لاصحابه , ويحتفظ به كتراث , الفكر الانسانى يصعد ويهبط , ويرتقى وينحدر , ومعيار الرقي فيه ان يعبر عن قيم انسانية راقية فى احترام الانسان وتحقيق العدالة وقبول التعايش والتساكن وحسن التعامل مع كل الاخرين والتراحم والمحبة ونبد الحروب والعنف والفساد وطغيان الاقوياء على الضعفاء , ومقاومة كل اشكال الظلم فى العلاقات الانسانية والمعاملات والتوزيع العادل للثروات , الدين يحترم الانسان ولا يفرق فى الحقوق الانسانية بين الرجل والمرأة ولكل شخصيته وحقوقه ووظيفته , ولا تحرم المرأة من حق تملكه , وللمراة كامل حقوقها الانسانية , كل مجتمع مؤتمن على ما يراه عدلا , وكل ما رأه المجتمع صالحا له ومفيدا لنهضته من القوانين والاعراف والانظمة فمن حقه ان يأخذ به ما لم يتعارض مع اصل من اصول الدين , عندما اتامل فى كل ذلك اجد ان الدين يتسع لكل ما يسهم فى نهضة المجتمع من الانظمة والقوانين والمفاهيم التى تعبر عن  مطالب وحاجات وامال تحتاجها المجتمعات لتواكب مسيرة عصرها في كل ما يحقق كمالها الانسانى ..   

 

( الزيارات : 627 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *