تعالوا نو قف ذلك الجدل

 كلمات مضيئة..تعالوا نوقف ذلك الجدال

ما اكثر الذين كتبوا عن ازمة المجتمع العربى والاسلامى وما اكثر من حاول ان يدرس اسباب التخلف فى عصر اتجهت اهتمامات كل الشعوب لتوفير اسباب تقدمها ونهضتها , معظم المفكرين ممن تخصصوا فى الموضوع ادلوا برائهم , ليسوا من مدرسة واحدة , وتباعدت اراؤهم ودخلوا فى دوامة من الجدل العقيم وما زالوا مختلفين , هناك اتفاق على وجود ازمة حقيقية تتمثل فيما تعانى منه تلك المجتمعات من ازمات متلاحقة , والكل يعتقد ان ما يراه هو الحق وكل الاخرين على خطا , وابرز هؤلاء هم الفلاسفة الذين ما فتنوا يعتقدون ان اوربا نهضت عندما رفعت شعار العقل وانتصرت على سلطة الكنيسة , ورفعوا شعار العلمانية بكل ما تقتضيه تلك العلمانية من افكار ومواقف وسياسات , ومعظم هؤلاء ما زالوا يتحدثون عن فلسفة اليونان , ويناقشون نفس قضاياهم وحججهم وادلتهم , ما زلنا لم نتمكن حتى اليوم من التحرر من تلك التبعية  لقدماء الفلاسفة والمحدثين , وهذا هو السبب الذى جعل افكار الفلاسفة تنعزل عن مجتمعنا , ما الذى اضافه ابن رشد وقد تاثر باراء ارسطو ومن قبله ابن سينا والفارابى , وكل الفلاسفة يرون  ان الفلسفة بعد ابن رشد قد تراجعت وبدا بعدها عصر الانحطاط , كان الغزالى فيلسوفا وكان منهجه فى المعرفة هو الاستدلال العقلى , وكتب فى الاصول والفقه وهذه علوم استدلالية وطريقها الادلة والبراهين , اذا اردنا ان نصف الانسان فافضل وصف له هو الانسان المكلف  واداة التكليف هو العقل , والثقة بالعقل منهج فى التكليف فلا يستفيم الفهم الا بكمال العقل , كل المعارف والعلوم اداتها العقل والبرهان , وكل العلوم الاسلامية من اصول وفروع وعلوم متتممات  ادوات لتك الاصول هي علوم عقلية , وعندما نتكلم عن مصادر الشرع نتكلم عن النقل والعقل واداة فهم النقل هو العقل لان العقل هو المخاطب بالنقل والعقل هو المفسر والمؤول والشارح والمفصل , ولكن العقل يؤدى مهمته بطريقة لا يتجاوز العقل صاحبه , لان العقل وليد مكونات خاصة بصاحبه كالتربية والميول والايتعدادات وما هو مختزن فى الذاكرة ,كل الافكار هي وليد صورتها فى الخيال كما هو فى الواقع وما تجاوز الواقع فلا اهمية له  بالاضافة الى العواطف والمصالح , حكم العقل ليس واحدا فكيف يمكن الثقة به , هناك مفاهيم لا يمكن للعقول ان تتوصل الى معرفتها الا بالاعتماد على ثوابت من الدين , من طبيعة العقول  انها تتاثر بما اعتادت عليه , كل ما توصلت اليه العقول فى مجال حقوق الانسان نجد اصولها فى ثوابت الدين كاحترام كرامة الانسان وحريته وحقه فى الحياة وعدم جواز الاعتداء عليه باي نوع من انواع الظلم وهناك المساواة بين الناس فى كل الحقوق عندما نجد ما يخالف ذلك فى كتب التراث فهذا لا يحتج به لانه يعبر عن مجتمعه كما كان ودولة العصبية والقبيلة ليست هي الدولة التى يحتج بها , واقع المجتمعات الاسلامية ليس هو الصورة المثلى لما يريده الدين والدين اوسع دلالة لانه من عند الله , وفى المجال الاقتصادى يدعو الدين الى احترام حق الفقراء فى مال الاغنياء واختيار النظام  الذي يمنع ان تكون الاموال دولة بين الاغنياء وتحريم نمو الثروات عن طريق الاحتكار والغش والفساد واستغلال ضعف الضعفاء , اين سلطان العقول وهي اليوم تقر الفوارق الطبقية وتحمي الاقوياء وتسمح بتكديس الاموال وتمركزها وتحكمها فى مجتمعها , اين دور العقول وهي تشهد ذلك التسابق على انتاج الة الحرب وقتل الانسان والعدوان على  الشعوب المستضعفة وتدمير مدنها , اين صوت العقل وهو يبرر كل ذلك او يسكت ولا يرفع صوته ضد الطغاة من الانظمة , ملا يين المستضعفين من الابرياء يموتون , اين العقول واين اخلاقيات تلك العقول ,  السنا بحاجة لكي نسمع صوت السماء وهي تخاطب هؤلاء بكلمة واحدة ان الظلم حرام وان هؤلاء هم خلق الله ويملكون من حق الحياة والكرامة ما يملكه غيرهم لا فرق عند الله بين شعب وشعب , اننى اؤمن بدور العقل فى حياة الانسان وادعوالى الثقة بالعلم , وعندما نتكلم عن العلم فان اداة العلم هو الدليل والبرهان , العقل عقلان عقل مادى ندرك به ما يخضع للحواس المادية ونحن مكلفون بها , والاجتهاد حق وواجب وهو النظر,  ولا يصح الايمان الا بالارادة والاختيار , ولا تقليد فى الايمان , وهناك عقل نوراني هو سر من الله تعالى يلهم الانسان رشده الانسانى ويجعله اكثر رحمة ومحبة للخير , ذلك العقل النورانى موطنه الفطرة,  وتلك الفطرة عميقة الجذور ويغذيها الشعور الايمانى , لا اهمية للاخلاق التى يفرضها القانون , لانها تفتقد الرسوخ ولا فضيلة لمن لم يفعل الشر خوفا من العقوبة , كلنا يعلم ان تاريخنا لم يكن مثاليا ولم يكن اسلاميا فى اختياراته , وكانت التجاوزات فيه كثيرة , لم يكن الدين هو السبب فى تخلف المجتمعات الاسلامية , وانما السبب هو الجهل بالاسلام وبما يريده الاسلام , نحن مطالبون ان نفكر بعقولنا فى كل قضايانا فى ضوء اصولنا الاسلامية وثوابتنا الايمانية , ولا ينبغى ان تشغلنا اهتمامات الفلاسفة وقد اختلفوا فيما بينهم ,  هناك وحي الهي ومهمته ان يساعد الانسان على معرفة طريقه فيما اختص الله به , ما ارتبط بحياة الانسان فالانسان مكلف بان يختار ما يراه الافضل له من النظم والقوانين والاعراف والاخلاق , وتتجدد باستمرار بتجدد مجتمعها لكي تحقق ما يراد بها من المقاصد والمصالح , الجدل فى المسلمات لا يفيد شيئا , تعالوا نفكر كيف ننهض ونقيم انظمة اجتماعية واقتصادية وسياسية تنهض بنا وتعالج قضايانا وتخفف من معاناة المستضعفين , وتنمى قيم الخير ومشاعر الرحمة والشعور باهمية التكافل الانسانى لا على مستوى الدولة او الامة وانما على مستوى الاسرة الكونية , اذا كانت العقول تعتمد مبدا الدفاع عن المصالح فى ظل التنافس الدولى فان الدين وهو رسالة الله يدعونا لتجاوز الحدود والمصالح الى رؤية كونية تحترم الانسان اينما كان وتحترم حق كل الاخرين فى الحرية والكرامة , كل طريق يقودنا الى الله والى الخير فيجب السير فيه , فى النهاية جيلنا مؤتمن على القيام بواجبه لكي يترك لمن بعده تراثا نافعا ومفيدا يسهم فى اغناء التراث الانسانى ..

( الزيارات : 606 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *