حق الاختلاف ثابت شرعا

حقُّ الاختلاف

الاختلاف حقٌّ طبيعي وظاهرة طبيعية ، في القضايا التي تدخل في نطاق الاجتهاد ، والكلّ يبحث عن الحقيقة ويبدي الرأي الذي يراه صواباً ومحققاً للأهداف المَرجُوَة ، ولا اجتهاد في الثوابت التي لا تقبل الخلاف في مفاهيمها ودلالاتها الثابتة ، ولذلك يكثر الخلاف في الفروع وفي تفسير النصوص وفي الدلالات اللفظية وفي تقدير المصالح ، ولا حدود لحق المُؤَهلين لإبداء الرأيّ في الدفاع عن مواقفهم وآرائهم ولا بدّ من الأهليّة ، فلا رأي لغير أهل الاختصاص في مجال اختصاصهم ، فلا يجتهد فقيهٌ في قضيةٍ طبيّةٍ إلا بعد معرفة رأي الأطباء فيها ، ومن أراد الاجتهاد في قضايا المعاملات التجارية فعليه أن يعتمد على رأي أصحاب المعرفة من التجار ، ويستوعب طريقة المعاملات والأعراف السائدة التي اختارها أهل الاختصاص ، أما الاختلاف في تقدير المصالح الاجتماعية فهذا حقٌّ يلتمس من خلال التجربة وإدراك المصلحة ، وإذا أردنا أن نضع قانوناً لحماية حقوق العمال فيجب أن نبحث عن العدالة والمصلحة الاجتماعية لتقدير الأجور وكفالة حقوق العمال في الضمانات الاجتماعية والإجازات وساعات العمل والتقاعد, وهذه قضايا فرعية والاختلاف في تقديرها أمرٌ طبيعي ، ولا أحد يمكن أن يعارض هذه الحقوق وما لا يحقق المصلحة الاجتماعية يمكن العدول عنه ، وهذا كلّه يدخل ضمن حقّ الاجتهاد ، وما ارتبط بالمصلحة فيجب البحث عن هذه المصلحة ، والمصلحة ليست واحدة في كلّ المجتمعات ، والغاية المرجوة تحقيق المصلحة والعدالة لجميع الأطراف بحيث لا يكون هناك ظلم لأيّ طرف ، فإذا روعيت حقوق العمال وتضاعفت أجورهم وامتيازاتهم  وأدّى ذلك إلى ظلم ربّ العمل وخسارته وإقفاله لمصنعه بسبب عجزه عن تحمل هذه الأعباء المادية أدّى ذلك إلى ضرر بالعمال بسبب فقدانهم لعملهم ، وهذا لا يمكن إدراكه إلا من أهل الاختصاص ، ولو زادت تكلّفة الإنتاج على المنتج  بسبب الأعباء المفروضة عليه كالضرائب وأجور العمال والرسوم المفروضة على الصناعة فهذا يُلحِق الضرر بالمصلحة العامّة واقتصاد البلد ، لأن تكلّفة الإنتاج العالية تمنع المنافسة .

ويجب أن يُحترَم الرأي المخالف ولو كان مخالفاً لرأي الأكثرية ، ولا يحقّ لهذا المخالف أن يفرض رأيه على الآخرين ، وكلّ المجالات التي تبحث عن المصلحة يجب احترام حقّ المخالف في تفسير الدلالة اللفظية للنصوص ، وفي البحث عن المقاصد الشرعية والمصالح الاجتماعية ، ومن وافق على رأيٍ يرى الصواب في غيره فقد خان الأمانة..

( الزيارات : 720 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *