ذاكرة الأيام..الوحدة والإنفصال

الوحدة


ذاكرة الأيام..الوحدة والإنفصال 

كنت في السنة الأولى في الجامعة..تمت الوحدة بين سوريا ومصر وسط فرح شعبي ليس له مثيل في التاريخ..كان صادقاً وعفوياً..لا أعتقد أن شعباً أعطى لزعيم ما أعطاه الشعب السوري لجمال عبد الناصر..غابت كل الزعامات وكأنها لم تكن..حضرت استقبال عبد الناصر في جامعة دمشق..زار حلب ..كل حلب خرجت للترحيب به..أرسل السيد النبهان وفداً من إخوانه من العلماء والتجار للترحيب به.. لم يذهب بنفسه للسلام عليه..
أوفد الرئيس السيد الباقوري وزير الاوقاف لزيارة الشيخ في الكلتاوية..عرض الباقوري على الشيخ أن تقدم الأوقاف هبة مالية كبيرة لإكمال بناء الكلتاوية.. اعتذر الشيخ.. قال له : محبو الكلتاوية سيبنون الكلتاوية..في أيام الوحدة كان عبد الناصر هو كل شيء..وقعت أخطاء جسيمة..كان هناك حماس وأمل وتطلع وأحلام..كانت الوحدة تخيف الجميع كانت الأمل في الأفضل ..كبرت الآمال..كنا في الجامعة نشعر بأننا كبار ..
فجأة ..وقع الإنفصال وكنت في قرية التويم مع السيد النبهان ..أبلغته بالامر كما سمعته من الإذاعة..قال لي : إنها فتنة كبرى..لم يكن سعيداً بما سمع..لم يؤيد الإنفصال..كانت الضغوط عليه شديدة لكي يعلن تأييده للإنفصال لم يستجب..بعد أسبوع وصل وفد كبير من علماء الشام برئاسة السيد مكي الكتاني ..اجتمعوا مع الشيخ لمدة ثلاث ساعات ..جرى حوارصريح .. أبلغهم أنه خائف على سوريا من الفوضى وسيطرة الجيش..أخيراً أرسل الشيخ برقية تأييد للإنفصال استجابة للوفد..لم يكن سعيداً بذلك..
دخلت سوريا في دوامة الفوضى .. .. تجربة ديمقراطية فاشلة , خلافات وصراعات غبية بين السياسيين والعسكريين..هناك من كان يرقب كل شيء ….
في ليلة مظلمة والكل يحلم فيها بما سيصنع في الغد بمن كان معه من الرفاق انقضت مجموعة من العسكريين على السلطة و الحكم وأمسكت به وبدأت تخطط بذكاء ..بدأت التصفيات وتغيرت المشاهد إلى أن رفعت الستارة عن الوجوه التي كانت تخطط لما نحن فيه الآن .. حاول الشيخ أن يقاوم ..لم يتمكن.. دفع الثمن غالياً .صمدت الكلتاوية طويلاً.. لم تصفق قط لهذا النظام.لا سابقاً ولا لاحقاً ..رجوت الشيخ أن يهادن النظام ولو بالصمت قال لي : إذا لم أتكلم من هو أجدر مني بالكلام..
صودرت قرية التويم لم يرها بعد ذلك أبداً وكأنها لم تكن..وأصاب الأذى أسرة الشيخ وانتقل الشيخ إلى رحاب ربه وهو يشعر بالألم والحزن..

( الزيارات : 779 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *