ذاكرة الأيام..بقايا الذكريات

ذاكرة الأيام..بقايا الذكريات


أعترف أنني منذ طفولتي كنت أحب الإستقلالية في الرأي وكنت أتامل الأشياء التي تواجهني في حياتي وأحاول أن أفهمها بطريقة مقنعة , ما كان يقنعني كنت أعمل به وماكنت لا أقتنع به لا أفعله, لم اكن أحب التقليد ., وكنت أرفض أن ألغي ذاتي حتى في الأمور الصغيرة , لم أكن أفكر في الآخر حيث كان , كنت أعتبر نفسي مسؤولاً عن كل اختياراتي , كنت أستشير وأنصت , وفي النهاية كنت أختار ما يناسبني , لم أفكر يوماً في احتمال الخطأ , فالخطأ وارد في كل الأمور الإجتهادية والإختيارية , فإذا رأيت الأمر صواباً فهو الصواب في نظري إلى أن أكتشف بنفسي ذلك الخطأ , وأعترف أنني أخطأت كثيراً في بعض المواقف ولكنني لم أندم قط على قرار اتخذته , لأننى كنت أراه صواباً في تلك اللحظة , بعض الأخطاء كانت مفيدة لي , وحققت الغاية المرجوة منها في حينها , قد لا أفعلها الآن ولكنني كنت أعبر عن حالة مرتبطة بزمانها ومكانها وظروفها النفسية والإنفعالات الخاصة بها..كنت أفعل ما أراه صواباً في تلك اللحظة , لو عدت إلى نفس الظروف قد أفعل نفس الشيء الذي فعلته في الماضي , كل ما أذكره أنني لم أدفع أثماناً باهظة لأخطائي , وربما أثمر بعضها ثماراً لم تكن متو قعة أو ممكنة في الظروف العادية ..
كانت الحياة هي المدرسة الأهم في حياتي وهي التي أستمد منها رؤيتي لواقعي وللقضايا التى كنت أواجهها , كنت أؤمن بالأسباب الظاهرة فلم أتخلف قط عن الأسباب مع يقيني أن الأمور مرتبطة بإرادة الله وتوفيقه , ولكن الإنسان مكلف بالأسباب ولا شيء مما يريده الله لك يكون خارج نطاق الأسباب..
أعترف أن الرعاية الإلهية التي يرعى بها الله الإنسان كانت تلهمني ما هو خير لي وتشرح صدري لما هو مقدر لي , وتتمثل الرعاية بحسن الإختيار وسلامة القرار , وهذا جزء من إيماني فلم أكن أعتمد على الصدفة بالرغم من وجودها في حياتي , وهي صدفة توفيق تأتيك من غير ترقب لها وانتظار لقدومها , فإن جاءتك مرتبطة بأسبابها فهي من توفيق الله لك ..
كان منهجي في الحياة أن أتخذ الأسباب الظاهرة , وكانت الأبواب تفتح من غير توقع لانفتاحها وأحياناً تغلق من غير توقع لانغلاقها , ذلك سر لا أعرفه , ولا أستطيع الخوض فيه لأنني لا أعرف أسراره ولا أجد تفسيراً عقلياً له ….
من أهم ما كنت ألاحظه في حياتي أنني كنت أصادف رجالاً رائعين في حياتي , وكان لبعضهم فضل كبير علي في كثير من المواقف , في دراستي وفي حياتي العملية , لم أجد عقوقاً في صديق ولم ألاحظ رغبة في الشر في خصومة , كانت الأشياء السلبية مقبولة ومتوقعة , وكنت أفهم دوافعها وأسبابها وألتمس العذر لأصحابها , ولم أعاتب صديقاً بسبب تقصيره ولم أخاصم أحداً لأنني كنت أفهم دوافعه وألتمس العذر له..ماكان يفعله الآخرون معي من تقصير كنت سأفعله معهم لو كنت مكانهم, فلماذا أعاتبهم على أمر لم يخطئوا فيه , هذه سنة الحياة, لايمكنك أن تفترض المستحيل, ولايمكنك أن تفترض الكمال في الأصدقاء ولايمكنك أن تكلفهم ما يحرجهم من مساندتك ..كل ما لاتفعله أنت لا يمكنك أن تكلف الآخرين به ولا أن تتهمهم بالتقصير والعقوق ..
كم ذكريات الأيام جميلة وممتعة إذا اكتشفت فيها روعة الآخرين ومنحتك شعوراً دافئاً بالسعادة ..كم هو جميل أن يزداد حبك للآخرين وأن تسعى في إسعادهم , وأن تحتفظ بذاكرتك بما يسعدك من ذكريات الأيام , وأن تكون أكثر صفاءً في قلبك وأكثرمحبة لكل الآخرين..

( الزيارات : 1٬418 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *