رحلة في عالم التجارة

رحلة في عالم التجارة

أمضيت طفولتي الأولى إلى جانب السيد النبهان طيب الله ثراه..كنت معه ليل نهار.. أصلي الصلوات الخمس معه , كان يوقظني بنفسه كل صباح قبل الفجر..كنت أقف إلى جانبه في الصلاة وأرافقه في كل زياراته ورحلاته و أحضر معه جميع مجالسه.. كنت أحبه وكان يحبني أكثر.. كان الجميع يعلم مكانتي من سيدي الجد , كان من أكثر من رأيت في حياتي أدباً وخلقاً وفهماً واحتراماً لخصوصية الآخر ولوكان طفلاً, لم يعاتبني قط ولم يعطني أية اشارة على خطأ , وكنت أفعل ما يريد ولا أفعل ما لايريد بإرادتي من غيرتردد..
في الساذسة عشرة من عمرى شعرت بتحول في داخلي , انفعال لا أعرف مصدره , حدة غير معهودة , ثورة داخلية ,تطلع إلى التغيير.. لم أكن أنا السابق..

قلت للسيد الجد : كل الناس حولي يحترمونني وكلهم يبالغ في تعبيره عن هذا الحب.. فأنا حفيد السيد النبهان..ولكنني لست سعيداً بهذا.. أريد أن أكون أنا.. بذاتيتي بمكانتي بشخصيتي..أريد أن أبحث عن كياني عن مستقبلي..
نظر إلي نظرة مليئة بالعاطفة والحب ..

قال لي : يا ولدي لا تتحدث عن المستقبل فالله سيرعاك ويتولاك.. كن صالحاً والله يتولى الصالحين.. ياولدي : لست أنت من يرسم مستقبلك فالله أرحم بك وهو الذي سيختار مستقبلك ..

قلت له: أريد أن أترك العلم وأعمل في التجارة.. تأمل قليلاً, لم يظهر ألمه,

لم يقل لي : لماذا ؟!..
قال لي : هذا خيارك..هذا أنت..

في المساء قال للحاج أحمد الصغير أشهر إخوانه بالتجارة في خان الجمرك : أريدك أن تعلم فاروق أصول التجارة وقواعدها..

في اليوم الثاني كنت في خان الجمرك أقضي يومي بين التجار أسمع وأرى .. تعرفت على مجتمع جديد.. ذهبت ألى الشيخ اسبير لكي أتعلم الدوبيا وهوعلم أصول الحسابات ..

بعد ثلاثة اشهر فى خان الجمرك ذخلت على السيد الجد مطرق الرأس: قلت له: فشلت المهمة لا أريد التجارة.. لم أجد ذاتي فيها…. أحسست بفرحته وكأنه كان يتوقع ذلك.. قال لي : كنت انتظر عودتك..قررت أن أعود الى العلم..
بدأت رحلة العلم باستعداد جديد ..ما كنت أخشى من شيء .. كنت أعتقد أنني سأنجح في أي عمل قمت به في التجارة أو العلم..ربما وهم أو ثقة مبالغة..

فتحت أبواب لم تكن مفتوحة وما كنت أظن انها ستفتح.. وكل باب يغلق كان يدفعني للبحث عن باب صغير أدخل منه متثاقلاً في البداية ثم أكتشف أنه يقودني إلى فضاء جميل مليء بالأزهار والورود..

تذكرت كلمة السيد النبهان وهو يقول لي : لست أنت ياولدى من تختار مستقبلك فالله هو مدبر الكون وهو الذي سيختار لك ما يريده لك..

( الزيارات : 749 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *