سلوكيات الطمع

 

 

علمتني الحياة

أنّ الطمع من الصفات المذمومة في الإنسان وهي ناتجة عن القوة الشّهوانية المرتبطة بالغريزة وإذا استطالت القوة الشهوانية ولدت الطمع ويتمثّل في الرغبة المتطرفة للحصول على المعيار الذي يتجاوز العدالة ويعتقد بعض الطّامعين أنّهم يتمسكون بحقوقهم المشروعة ولا يتنازلون عنها والطمع ظاهرةٌ غريزةٌ وفطرية إذا كانت تتمثل في التمسك بالحق وعدم التسامح فيه في الوقت الذي يتطلب الموقف التضحية والإحسان, وهذا الطمع المعتدل قد يكون مقبولاً في الضعفاء ومذموماً في الأقوياء فالأجير الذي يطالب بزيادة أجره بطريقةٍ عادلةٍ لا يُعتبَر طمعاً والتاجر الذي يرفع مقدار ربحه لكي يكون عادلاً في نظره لا يعتبر طامعاً والإنسان الذي يتمسك بحقه لا يعتبر طامعاً إلا أن الأغنياء يجب عليهم التضحية والتنازل عن بعض حقوقهم للفقراء ، وهذا من الإحسان الذي يدلّ  على حسن الخلق والأصل أنّ الفقير يطمع في مال الغني ومن لا يملك يطمع في عطاء من يملك ولا يمكن للأغنياء يطمعوا في الفقراء فلا يحسن في غنيّ أن يطمع في بائع فقير ليرخص له ثمن ما يشتريه ويحرمه من ربحه المشروع مستغلا حاجته لبيع سلعته ولا يجدر بالقوي ومالك المال أن يستغل فقر أجيره لكي ينتقص من قيمة عمله ويعطيه اقل مما يستحق أو يستغل صنعته لكي يكلفه بأكثر مما يطيق أو يطلب منه أن يعمل في أيام الإجازة..  وهناك طمع مذموم وسيئ السمعة والظلم مؤكد فيه ولا شيء يبرره وهو طمع الأغنياء والأقوياء في حقوق المستضعفين وأموالهم ويستخدمون لذلك أساليب مختلفة إما بالقوة الفعلية والتخويف وأما بالقضاء الفاسد عن طريق الرشوة , وإما بالسلطة الرادعة وقد كانت هذه الصورة الكئيبة المؤلمة منتشرة في الماضي وبخاصة في الأرياف حيث يقوم القوي وصاحب المنعة والنفوذ باغتصاب اراضي الفلاحين وإكراههم على بيعها بأسعار بخسة ولا يجرؤ المعتدى عليه إلا أن يرضى ويستلم خوفا على حياته ,ويدفع الطمع النفوس المريضة للاستسلام لإغراءات المال فالمغتصب يطمع في ارض الغير والمحامي يزّور الأوراق والبيوع المزيفة والشهود يشهدون والقاضي يقضي بشرعية هذا الإنسان والكل يأخذ الثمن ويسقط المعتدى عليه ولا يجد من يقف إلى جانبه وسبب الفساد هو الطمع ولولا الطمع لما كانت الإغراءات  المادية مسيطرة على النفوس والسرقات مبعثها الطمع, والطمع مصدر المعاملات المحرمة كالغش والربا والاحتكار والاعتداء على أموال اليتامى والأطفال والمستضعفين وإذا عالجنا مرض الطمع في القلب وتمت السيطرة عليه بقوة الدين والعقل والقانون   لما كانت مظاهر الفساد منتشرة, وأبشع أنواع الطمع هو ذلك الذي يدفع موظف الدولة لخيانة الأمانة الموكولة  فيسقط الضرائب ويخالف القوانين ويتجاهل كل الحالفات طمعا في الرشوة, وهذه هي الخيانة الكبرى  لأنه يخون مجتمعه ويتخلى عن مسؤوليته    

( الزيارات : 1٬850 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *