صوفية المتاخرين

صوفية المتاخرين فى الميزان :

……………………………………..

هناك الكثير مما يمكن انكاره لدى جهلة الصوفية من المفاهيم الخاطئة التي اسهمت في الاساءة لصورة الصوفي الحق الزاهد في دنياه والذي يعمل لآخرته ويتفرغ لعبادته ويجد سعادته في ذلك , ولا يشغله عن ربه اي اهتمام آخر , ولو كان مما تتطلع اليه النفوس في العادة ً ، صوفية المتأخرين تخلفت مفاهيمها بتخلف رموزها المنتسبين اليها ممن جعلوا المشيخة الصوفية مهنة متوارثة بلا روحية ايمانية ولا دلالة اجتماعية ، ما احوج الصوفية المعاصرة الى منهجية تجديدية لرفع الركام الناتج عن التخلف والجهل والتقليد والطقوس التي اعتادت عليه , والذي شغلها وحجب النور عنها ، الفكر الصوفي الاصيل يعمق القيم الايمانية في السلوك ويغذي القيم الروحية في الشخصية عن طريق المجاهدات والاهتمام بتهذيب النفوس وكبح جماح الشهوات والامساك بمقود الرغبات والاهواء ، صوفيةً  المتأخرين لم تعد كذلك , واكتفت بتوارث العادات وادعاء الكرامات التي تغري العامة , ويعتبرونها معيار القرب من الله ، واهم مقومات التصوف الحق مايلي :

اولا : الزهد في الدنيا والتوجه للاخرة بصدق لا تكلف فيه ، انه الاقبال على الله والزهد فيما سواه ، والزهد الحقيقي يميز الصادق من الصوفية ممن يدعيها لنفسه ويرتدى ثوبها الذي يغري العامةً الذين تحركهم العواطف الدينية ، والمتعلقون بدنياهم والعاملون لها لا يصدقون فيما يدعون من الاحوال المتكلفة , ولو ادعوها لانفسهم ، والتظاهر بالورع والتشدد بما يغري العامة ظاهرة يشجع عليها الجهل في كل مجتمع ، ويرسخها التخلف ، الصوفية الحقة لا يغريها امر دنياها ولا يشغلها ذلك ..،

ثانيا: الاستقامة بلا تكلف من منطلق محبة الكمال والتعلق بكل ما يمثل الكمال في الاخلاق والسلوكً ، وهذا معيار اسلامي صادق وعادل ، الطامعون في دنياهم لا مكان لهم في مجالس الصادقين ، واهم ثمرات الدين في مجتمعه الاستقامة بكل دلالاتها المتجددة التي تعبر عن محبة الكمال الذي يميز مرتبة الانسانية ، الصوفية التي لا يظهر اثرها في السلوك كاستقامة واخلاق لا اهمية لها ولا حاجة اليها ، ما يراد من الصوفيه ثمراتها الاجتماعية ، واهمها الالتزام الاخلاقي ومحبة كل الاخرين والتراحم بين العباد واستقامة الحياة ومساعدة المستضعفين ،

ثالثا : الاهتمام بالتربية الروحية التي تسهم في صفاء القلوب وطهارتها من كل الاوصاف الرديئة عن طريق المجاهدات التي تحرر النفوس من امراضها ، واكثرها خطورة وشيوعا الحقد والحسد والطمع والعجب والكبر والغرور ، وهذه امراض تصيب القلب وينعكس اثرها على السلوك ، ويكون الانسان بها اكثر انانية وقسوة وجشعا ، ومن الجهل بحقيقة التصوف ادعاء توارث الاسرار كتوارث الاموال والانساب ، ومثل هذا يكثر في الطرق الصوفية التي تعددت كثيرا وتنافست على الدنيا ، و تحتفظ كل طريقة لنفسها بخصوصياتها من الاوراد والطقوس التي تحرص على ان تنفرد بها وتختص باتباعها ولو كانت مبتدعة ومنكرة ، هذا التصوف الذي نراه ليس هو التصوف الاصيل الذي يهتم بالتربية الروحية المعبر عن رقي الانسان في فهم الحياة من منطلق ايماني لا انانية فيه ولا طبقية ولا تنافس فيه ، تصوف المتأخربن يحمل خصائص عصره ومجتمعه ويرتقي برقيه وينحدر بانحداره ، محنة التصوف بمن يمثله ممن ارادوه مطية لدنياهم ، التصوف الاصيل فهم ايماني للحياة ويمثل حقيقة الاسلام ، والتصوف التاريخي هو نتاج مجتمعه ويتهض

بنهضته وينحدر بانحداره , وهو كتراث الاجيال الذي يخضع لمعايير التمييز الذي بخضع له كل فكر انساني ، ما كان حسنا منه يحمد باثره في مجتمعه ، وما كان منه بلا روحية وتتحكم فيه الاهواء الدنيوية فلا اهمية له ، وسرعان ما يستغنى عنه بما هو افضل منه

رابعا : كل مجتمع مؤتمن ان يأمر بالمعروف الذي تحترم فيه الحياة , وينهى عن المنكر الذي يفسد الحياة ، ماكان سيء الدلالة من الافكار والسلوك والاعراف فيجبب انكاره عن طريق النظام الاجتماعي الذي يضبط الحقوق بما يمنع التجاوز فيها والعدوان ، وهذه هي مهمة كل جيل ان يكون مؤتمنا على الحياة ان يحافظ عليها ، وان يتصدي لكل ما يفسدها ، والمجتمع من خلال مؤسساته المؤتمنة على حماية مصالحه هي التي تملك حق الانكار والمنع بشرعية التفويض المشروط التي تملك حق الانكار بطريقة عادلة تمنع الفوضى وتحقق الامن والالتزام يالفضيلة في السلوك الاجتماعي ،

………………………………

م

( الزيارات : 206 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *