صوفية تعمق القيم الروحية..

نفحات روحية..

ما ابعد صوفية اليوم عن صوفية الامس, عندما اتأمل فيما نحن اليوم من المفاهيم اجد عجبا , واننى التمس العذر لكل الناقدين والرافضين الذين يرون فى المنهج الصوفي انحرافا عن المنهج الاسلامى الاصيل , صوفية اليوم مختلفة وهي تعبر عن الواقع الذى نعيشه بكل اثقاله وسلبياته , الفكر ينهض بمجتمعه وينحدر بمجتمعه ايضا , اسلامنا اليوم هو اسلام مجتمعنا اليوم , وهناك الكثير منه هو تراث اجيال متعاقبة من المجتمعات والدول والنظم والتقاليد والاعراف , احيانا اجد فى الدعوة الى منهج السلف تجديدا وتصحيحا لمسارتاريخى  انحرف عن اصوله الاسلامية , السلفية ليست منهجا جامدا يريد احياء الماضى كما كان , السلفية الحقة هي تصحيح المسيرة التى انحرفت عن الطريق , سلفية اليوم ليست هي سلفية التصحيح كما نادى بها السلفيون الاوائل الذى حذروا من خطورة الانزلاق الى الجهل والجاهلية , كل الصادقين والمخلصين ممن اشتهروا بالتقوى والورع والصدق كانوا يرفعون شعار التصحيح والعودة الى ثوابت الاسلام واصوله واخضاع مناهج الاجتهاد الى قواعد منضبطة لا مكان فيها للاهواء الشخصية , كانت الصوفية الاولى كما جاء بها ائمة التصوف هي الدعوة الى اسلام اكثر صفاءا واكثر استقامة والزهد فى الدنيا وزخرفها والتعلق بالاخرة وومحاسبة النفس عما تفعله وعما تخفيه من الاطماع والاحقاد والدعوة الى تزكية النفوس وطهارة القلوب وعدم الانشغال بالدنيا والابتعاد عن مجالس الحكام والزهد فيما يملكون وتقديم النصح لهم لكي يتقوا الله فيما يحكمون والصدق فيما يقولون , هذه هي السلفية الحقيقية ان نحيى منهج السلف فى اخلاقهم وسلوكهم والا تشغلنا الدنيا وتجعلنا من الغافلين عن الله , الصوفية خلق وتربية واستقامة والاتشرك مع الله احدا من الخلق فيما كان من الله والا تتعلق بالاسباب الظاهرة فالله هو الذى يدبر شؤون خلقه فلا شريك معه فيما يختار ويقدر , , وكتب ابن عطاء الله كتابه الهام الذى سماه التنوير فى اسقاط التدبير وهو مطبوع  وقد تحدث فيه عن معانى وافكار تعبر عن اجمل القيم الايمانية ومعانى العبودية لله باسمى معنيها وتجلياتها , والعبد فى نظر الصوفية هو فى موطن العبودية المطلقة لله تعالى ومقتضى العبودة هي التسليم لله بما قدر ودبر بحكمته,  ومن سلم امره لله كان فى موطن الرضا عن الله ,  وهذا يمنحة السكون القلبى واليقين , اليس الصبر على المقادير مما يعمق الايمان بالله ومما يقرره التصوف ان مما يعين العبد على تقبل البلايا والابتلاءلات ان تدرك انها من الله تعلى , فاذاعلمت انها من الله كنت اقدر على الصبر عليها , ولم اجد لذى اعلام التصوف ما يتنافى مع كمال الايمان بالله وانه لا ينبغى للعبد ان يحمل هم رزقه فالله هو الرزاق , ما اجهل الذين اتهموا الصوفية بالشرك لانهم احبوا الصالحين لصلاحهم ولانهم اقرب الى الله بسبب عملهم الصالح  وكانوا اكثر ادبا  ومحبة لهم  , وهؤلاء ارادوا للدين ان يكون مجرد احكام فقهية وكلمات وشعارات تجعل المؤمنين اقل يقينا واكثر جهلا يبررون كل ما حرمه الدين باسم الدين جهلا بمقاصده وتقربا من العامة ويسيؤون لكل المؤمنين ممن ارادوا الله واحبوه وتعلقوا به وكانوا اكثر صدقا واستقامة ورحمة ويقينا من كل الاخرين , الصالحون هم الذين يمشون فى الارض هونا يعملون الصالحات ولا يفسدون ولا يعتدون , ما احوجنا الى ذلك المنهج الروحي الذى نجد اصوله فى اسلام عصر النبوة  وهو الاسلام الحق والاصيل الذى لازيغ فيه ولا ضلال والذى يقاوم اصحابه  الاهواء عن طريق المجاهدات الروحية التى تجعل المسلم اكثر ايمانا بربه واقرب اليه , اذا تخلف التصوف بسبب تخلف مجتمعه وانتشار الجهل بين المنتمين اليه وانحراف البعض عن منهجه  الروحي وظهور جماعات  جعلت التصوف مهنة ومطية الى ما تريد الوصول اليه من الدنيا والسلطة والمال والجاه الاجتماعى فهذا لا يبرر الاساءة لمنهج السلف فى تكوين الشخصية الاسلامية ذات الجذور الروحية التى تمثل قيم الاسلام العالية وتجعل الانسان فى موطن الاهلية ليكون خليفة الله فى الارض يرفع شعار المحبة والسلام وكرامة الانسان.

( الزيارات : 718 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *