طبيعة الحكام فى كل العصور

 كلّ  طامع في الحكم يعتقد أنّه يريد أن يقيم العدل بين النّاس ويقضي على الفساد ويحقق الأمن والاستقرار في المجتمع , ويحافظ على الثروة العامة , ويرفع شعار الديمقراطية , ويظنّ الحاكم في بداية أمره أنّه سيحقق هذه المطالب وهو صادق فيما يدعيه , وسرعان ما يرى كلّ هذه الأهداف من خلال زاوية ضيّقة وهي زاوية تمسّكه بالحكم وحرصه عليه , فما يراه عدلاً فهو العدل الذي يدافع عنه , فلا عدل إلا ما يراه عدلاً ولا وطنيّة إلا وطنيّة الولاء له , ومعيار الوطنيّة هو الولاء له , وفي سبيل الاحتفاظ بالسلطة يفعل كلّ شيء , ويستبيح كلّ الوسائل التي تمكنه من القضاء على معارضيه , ويعتقد أنّ كلّ معارض له خائن للوطن وكلّ معترض على سياسته يستحقّ العقوبة , ويضع الدولة بكلّ مؤسساتها في خدمة حكمه , ويسعى في بناء مجده الشخصيّ ولو أدّى ذالك إلى توريط الدولة في معارك وحروب مدمرة , وهكذا تصبح الدولة ملكاً للحاكم وللسلطة التي يقودها , وتنهار الدولة ولا يرى الحاكم المستبدّ ذلك الانهيار , وهذا الحاكم لا يرى إلا ما يريد رؤيته , ولا يُقرِّب إليه من الأعوان إلا من يمجد عهده وينقل إليه إعجاب شعبه بعبقريته وإنجازاته ,والحاكم العادل يجب أن يُعَان على تأدية مهمته ، وأن يقدّم له النّصح الصادق ، وبخاصة إذا كان يسعى للدّفاع عن حقوق شعبه ويتمسّك بالثوابت الوطنية ويرفع شعار الإصلاح الاجتماعي ومقاومة الظلم ومساعدة المستضعفين والتعاطف مع الطبقة الفقيرة التي تحتاج إلى المساعدة والعون ، ويسعى للقضاء على الفساد والأميّة والرشوة ، ويسعى لإصدار قوانين اجتماعيّة عادلةفى الأجور والضمانات الاجتماعية ، وضرائب عادلة ، ويقيم مؤسسات تمثيلية ومؤسسات دستورية تحمي إرادةالشعب وتعبر عن تطلعات المواطن في الحريّة والكرامة,وأهمّ المواقف هو الموقف الوطنيّ المقاوم للاحتلال والتبعيّة للأجنبي ، أما الحاكم الذي يتحالف مع أعداء وطنه ويمكّنهم من التدخل في شؤون بلده ويتلقى تعاليمه منهم في المواقف ويتهم بالتفريط بالمصالح الوطنية فهذا الحاكم يجب أن يُقاوَم بكلّ وسيلة ، والولاء للحق والشعب والوطن أهمّ من كلّ شيء ، ولا ولاء لأيّ نظام لا يحترم اختيارات الشعوب في الدفاع عن مصالحها وحقوقها الوطنية ، ولا شرعيّة لأيّ نظام إلا إذا كان يعبر عن إرادة الأمة في الحرية والعدالة والدفاع عن المواقف الوطنية.

( الزيارات : 1٬697 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *