في صحبة الشيخ

في صحبة الشيخ

صحبت الشيخ رحمه الله منذ أن وعيت الحياة إلى أن بلغت الرابعة والثلاثين من عمري، أمضيت عشر سنوات متواصلة كنت معه في نهار وليل، لم أنقطع عنه قط، كان ذلك في طفولتي الأولى، ثم سافرت بعد ذلك لمدة خمسة عشر عاماً لم أنقطع فيها عن صحبته، كنت أشعر أنه معي في سفري، كنت أراه خلال عودتي، وأمضى معه معظم وقتي…

 

كنت أحب صحبته.. لا أدري لماذا.. هل لأنني أحبه أم لصلة القرابة، أم لصلة روحية لا أعرف سرها.. ؟

كل ما أعرفه أنني اشتاق لمجالسه حيثما كنت.. وكانت كلماته في أذني اسمعها وكأنني معه، كان له تأثير كبير في حياتي منذ طفولتي الأولى كنت معه على الدوام… أصلِّي معه الصلوات الخمس جماعة.

استيقظ قبل الفجر بساعة، كان يوقظني بنفسه، أصلي أربع ركعات قبل الفجر كما كان يفعل.. ثم ينتظر أذان الفجر، فإذا حان موعد الأذان أذن بنفسه، ثم يصلي ركعتين سنة الفجر، ثم يؤمّ الأسرة كلها في صلاة الفريضة..

كنت أقف إلى جانبه في الصلاة، وتقف نساء الأسرة خلفه، وكنت أرافقه في كل مكان… في سفر أو زيارة أو عيادة مريض، كما كنت استقبل ضيوفه وأقدم لهم الشاي المعتاد… لم أكن أفارقه أو أتخلف عن مجلسه، ويخصني بعنايته وحبه.. وكان يفرحني ذلك..

ترك أثاراً كبيرة في شخصيتي وتكويني وفكري وطبائعي، بل كل الصفات الحميدة التي اعتز بها كانت أثراً من أثاره، وقد تعلمت منه حقاً ما لم أتعلمه في الجامعات من القيم.

كنت أشعر أنني مدين له بالكثير مما اعتز به، لا أقول هذا مبالغة، وإنما أقوله وفاء لحقه علي، عندما انتقل إلى الرفيق الأعلى شعرت كأن ركناً قد انهد في كياني لأنني كنت أشعر بوجوده في حياتي ولو كنت بعيداً عنه..

( الزيارات : 2٬457 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *