لاتظهر غضبك وان غضبت..

 

علمتني الحياة

ألا أظهر غضبي أمام الناس , وإن أمسك نفسي عند الغضب , فلا أغلظ القول ضد أحد ولو كان ضعيفاً , وألا أسيء لكرامة أحد , ولا أجرح مشاعر الآخرين مهما ضعفت مكانتهم في نفسي , لأن الإساءة للضعيف والصغير تولّد الحقد في نفسه دفاعاً عن كرامته , والحقد الناتج عن الإذلال لا ينمحي من الذاكرة أبداً , وكلّ حاقد ينتظر اليوم الذي يتمكَّن فيه من الانتقام ، ولا ترتاح النفس المجروحة إلا بالانتقام ولو بعد حين .

والغضب ضعف ، والغضوب يرهب ويخيف ، ولكنه لا يسود ولا يصلح للزعامة ، والغضوب يفقد هيبته ويتجرأ خصومه عليه ، لأنه يستفزَّهم ويذلَّهم ويدفعهم للجرأة عليه , فإذا شتم الغضوب خصماً له تجرأ الخصم على ردّ شتيمته ، والعاقل يمسك نفسه عند الغضب لكي يمسك بزمام نفسه فلا يخطئ فيما يصدر عنه ، ويدفعه للندم ، والتربية النفسيَّة هي أداة السيطرة على الغرائز الشهوانية والغضبيَّة ، وإخضاعها لسلطان العقل ، والعقلاء يغضبون مثل غيرهم إلا أنهم لا يخطئون ، وإذا أخطؤوا أصلحوا خطأهم قبل أن يفوت الأوان ، وليست الغاية من المجاهدة النفسيةَّ إماتة الغرائز وإنما الغاية السيطرة على تلك الغرائز لكي تكون في  قبضة العقل , ولولا الظلم لما كان الغضب ، وأحياناً يكون الغضب ضرورياً للدفاع عن الحقوق والحريَّات ، والظلم لا يقاوم إلا بالغضب  العاقل ، والمقاومة غضب ، وهي حق مشروع لكل من وقع عليه اعتداء ، ولا يعذر من استسلم وفرَّط ، والطغيان يقاوم بالغضب والتصدّي له قبل أن يستفحل أمره ، ولا بدّ من التضحية في مواقف المقاومة , وليست كلّ مقاومة مرتبطة بالعنف ، فقد تكون المقاومة السلميَّة أكثر تأثيراً على الطرف الآخر ، ونظرات الغضب هي سلاح قويّ التأثير لأنه يثير مشاعر الخوف لدى الآخر , وغضب الظالم وهم , وانتقامه ضعف , ويسكنه الخوف دائماً ، ومما يقوِّيه هو خوف المظلومين منه واستسلامهم له ، وهذا هو ما يريده ، فإن سقط هذا الخيار سقط الطغيان بسبب الخوف …..

 

 

ومن اعتمد على الله في عمله وأخذ بالأسباب المطلوبة فلا بد إلا أن يوفقه الله إلى ما يريده الله له ، وما يختاره الله لعبده هو أفضل مما يختاره لنفسه فالله هو الأحكم والأعلم بشؤون خلقه ومن سلّم أمره لله تولاه الله برعايته وأحاطه بعنايته  .

( الزيارات : 1٬571 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *