لم نكن كما نحن اليوم.

  كلمات مضيئة..لم نكن كما نحن اليوم..

كنا من قبل افضل مما نحن عليه اليوم..لم نكن اكثر قوة وامكانية ,  ولم نكن نملك المال الذى نملكه اليوم ,  فى مرحلة مابعد الاستقلال وقد امتدت اكثر من سبعين عاما كنا نحلم بالافضل , كنا اقوى من المحن والتحديات بالرغم من ضعفنا  , كنا نرفع شعار الوحدة لكي نكون اقوى , كنا نرفع شعار ارض العرب للعرب وثروة العرب للعرب وسلاح العرب لكل العرب لحماية شعبنا والدفاع عن كل الوطن العربي , كنا نحتفل عندما ينتصر اي شعب عربي على من استعمره ونعتبر ذلك انتصارا لكل العرب , كنا ندخر لكي تكون جيوشنا قوية تحمى اوطاننا ,  كنا اكثر استقرارا مما نحن عليه اليوم , كنا نفرح عندما تبنى الجامعات والمدارس لكي نتغلب على الامية والجهل , لم نكن نملك المال الوفير ولا الارصدة الكبيرة فى بورصات العالم واسواق المال ولكننا كنا اكثر استقرارا وامنا وسلاما , ما اجمل ماكنا فيه , كنا نرفع شعار الوحدة ونعتبر ذلك هدفا من اهداف شعبنا , كانت مدننا اقل ازدهارا واناقة وسعة , كان الاسلام بالنسبة لمجتمعنا هو الدين وهو الثقافة الجامعة وهو العقيدة الايمانية التى تحبب الينا الدفاع عن ارضنا والتصدى لكل من اراد ان يتدخل فى شؤوننا  , لم يكن هناك تطرف كما نشهده اليوم ولا عنف ولا خوف ولا صخب , كنا اكثر تكافلا وتعايشا وتساكنا , كان هناك كبير يثق الكل به وينصت له , لم تكن هناك احقاد طبقية ولا تعصب دينى ولا طائفى ولا قومي , كان الوطن العربي متماسكا ومتحابا وممسكا بزمام  امره , لقد تغير كل شيء ولم نعد كما كنا , وكلنا يتوقع الاسوأ وفى كل صباح ننتظر خبرا منذرا بسوء قادم لا نملك له دفعا , شعار الوحدة اصبح منسيا والتفتيت قادم والانهيارات متوقعة , اصبحنا نحلم فى كل ليلة بكوابيس من التوقعات السوداء , ما يجرى اليوم ليس امرا طبيعيا وليس وليد الصدفة , لسنا اغبياء ولسنا مغفلين  , كانت اسرائيل هو العدو الوحيد الذى كنا نخشاه على ارضنا ونتصدى له , اليوم تغيرت الموازين وتبدلت المعايير , جيوشنا انهارت واصبح السلاح يتدفق بقوة لا شعال نار الفتنة بين شعوبنا ,  وفى نطاق الشعب الواحد , لو انصت الجميع لصوت العقل وحكمة الكبار لما وصلنا الى مانحن عليه , الكل خاسر والوطن ينزف والمواطن الاعزل يتألم وقد ارهقه ما هو فيه , عاصفة ليست كعواصف السماء الممطرة برحمة وخير  , انها عاصفة  قاسية الملامح سحابها لا يمطر الا شرا ودمارا , الكل فى مواجهة الكل فى مواجهات وحروب , وعندما انصت الى الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعى ادرك جيدا ان كل ذلك ليس صدفة فلا يمكن ان ترتفع كل هذه الاصوات والصخب فى لحظة زمانية واحدة صدفة   , نار تشتعل وتنتقل من عاصمة الى اخرى , والكل خائف من الكل يرقب ما يجرى ولا يعرف اين المصير والى اين نحن ذاهبون  , لم يكن هناك اي خيار , انظمة الاستبداد  لم تتعلم من التاريخ ولم تنصت لصوت العقلاء وما زالت فى غفوة من امرها , لو التقطت الانظمة الحاكمة  رسالة شعوبها فى وقت مبكر لما وصلنا الى مانحن فيه , الشعوب لم تعد كما كانت من قبل , لقد نفد صبرها وضاقت بما كانت تعانيه من تجاهل لمطالبها فى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ماليس  مقنعا لا يمكنه ان يدوم  , الاصلاح خيار وحيد فان لم يكن جادا فالانهيارات حتمية والثورات سوف تستمر , ماكان فى الماضى لن يعود كما كان ابدا , التاريخ لا يعود وعقارب الساعة لا ترجع الى الوراء , الهيبة زالت والاقنعة تساقطت  ولن تعود , العدالة امر لا خيار فيه , ومقاومة الفساد امر لا بد منه فى ديمقراطية ومؤسسات تعبر عن شعوبها  , لا بد من احترام التطلعات المشروعة للشعوب , واركز على اهمية الاصلاح الاقتصادى الذى يخفف من الاثار السلبية للفقر والبطالة والحرمان والتهميش , الفقر مذل للنفوس ومفسد لها ولا بد من الاهتمام بمعالجة مظاهره والتخفيف من اخطاره , ليس عدلا ان تكون الاموال فى طبقة صغيرة والحرمان يكبر ويستفز النفوس , لا بد من اصلاح اجتماعي عادل وشجاع يريح النفوس الغاضبة , الحروب ليست هي الطريق للتغلب على التحديات , السياسات العاقلة تحسن فهم ما يجب ان يكون من خطوات وتنازلات لصالح الطبقات المستضعفة , ماتنفقه دول المنطقة على السلاح  يمكنه ان يوجه الى التنمية الاجتماعية التى تجعل شعوبنا اكثر استعدادا للتضحية  للدفاع عن المصالح العربية التى اصبح الكل يطمع فيها مستغلا حالة الارتباك والتفكك والانقسام الذى نراه اليوم ونتابعه ونحذر من اثاره واخطاره المتزايدة .

( الزيارات : 1٬038 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *