مؤتمرات المغرب العربى الموحد

تاسعا ..المغرب وأفريقيا المسلمة …

لا يمكن تجاهل دور المغرب في تكوين الشخصية الإفريقية المسلمة سواء من خلال تاريخه السياسي كدولة إسلامية ذات نفوذ وقوة وامتداد وبخاصة في عهد الدولة المرابطية والدولة الموحدية التي امتد سلطان المغرب فيها إلى الأندلس شمالا وإلى تونس شرقا وإلى السنغال جنوبا أو من خلال دور المغرب العلمي أو الثقافي في أفريقيا المسلمة,  وكانت القرويين في فاس هي المركز العلمي الذي كانت تدرس فيه مختلف العلوم الشرعية والفلسفية , وأنجب المغرب علماء كبارا أسهموا في خدمة الفكر الإسلامي , وقد شاركت في عدد من المؤتمرات والندوات عن العلاقات الثقافية بين المغرب وأفريقيا وما زالت الشعوب الأفريقية في غرب أفريقيا ينظر إلى المغرب كعاصمة للثقافة الإسلامية وبخاصة في ما يتعلق بالمذهب المالكي الذي أسهم علماء المغرب في انتشاره في أفريقيا وخدموا هذا الفقه , وألفوا الكثير من المصنفات في أصوله وفروعه وقواعده ونوازله , كما أسهم المغرب في تعميق الإسلام في أفريقيا , وقد كتبت عدة بحوث عن أثر الثقافة المغربية في تكوين الشخصية الإفريقية المسلمة , كما ألقيت محاضرة على ظهر سفينة الوحدة المغاربية التي أقلت عددا كبيرا من مثقفي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا وانتقلت الباخرة بين هذه الدول وكانت ترفع شعار الوحدة المغاربية , واستقبلت الباخرة في عواصم هذه الدول بفرحة شعبية كبيرة , وكان ركابها يدخلون هذه الدولة بغير جوازات للتعبير عن إيمان هذه الشعوب بالوحدة المغاربة,  وقد استمرت الرحلة لمدة أسبوع وانطلقت من طنجة إلى الجزائر ثم تونس ثم ليبيا ثم عادت إلى طنجة وهي ترفع شعار الوحدة , وقد شاركت في هذه الرحلة في أواخر الثمانيات وتأثرت بما رأيت من إيمان هذه الشعوب بفكرة الوحدة واستعدادهم للتضحية في سبيل هذه الوحدة , وقد لاحظت  أن فكرة الوحدة في كل البلاد العربية هي الخيار الوحيد لمستقبل هذه الأمة إلا أن تحقيق الوحدة أمر مستبعد من الناحية الواقعية ,  والخيار الممكن هي وحدة المواقف ووحدة السياسات والاتفاقيات التعاونية الجادة لتحقيق الوحدة الاقتصادية والوحدة الثقافية وإقرار سياسات لحماية  مصالح الشعوب العربية ….

ويمكن للبلاد العربية في شمال أفريقيا أن تقيم فيما بينها اتفاقيات تعاون وتكامل ودفاع مشترك وهذا أمر ضروري لتمكين هذه الدول من إقامة روابط قوية مع البلاد الإسلامية في أفريقيا , ويجب أن تكون الثقة قوية بين دول هذه المنطقة لحماية المصالح المشتركة , ويجب أن تحترم مصالح المغرب المشروعة في الصحراء المغربية,  وكنت أؤيد كل خطوة في سيبل الوحدة , وأقف ضد كل سياسة انفصالية أو انعزالية فعالمنا العربي لا خيار له إلا فى سياسة وحدوية واتفاقيات تعاون وتكاهل يفضي في النهاية إلى شكل من أشكال الاتحاد فى السياسات العامة , ولو نظرنا إلى مقومات هوية هذه الشعوب فإننا سوف نراها متقاربة أو متماثلة فى اللغة والدين والتراث المشترك والتاريخ الواحد والقيم المشتركة , وهناك إرادة هذه الشعوب في تحقيق هذه الوحدة ولو في المواقف والسياسات العامة , وعندما كنت أجتمع مع بعض الوفود الأفريقية كنت ألاحظ أن معظم هذه الوفود كانت تنظر للمغرب نظرة احترام وتقدير اعترافا بدور المغرب الثقافي في أفريقيا على امتداد تاريخ العلاقات المغربية الأفريقية,  وترسيخ دور المغرب في أفريقيا يخدم مصالح الشعوب الغربية كلها , والمغرب مخاطب مسموع الكلمة لدى الشعوب الافريقة نظرا لتاريخه العريق..

أن اهتمام العالم العربى بأفريقيا أمر حيوي وضروري لحماية مصالح شعوب هذه المنطقة والعالم العربي قوي بتحالفاته الإقليمية في أفريقيا وفي آسيا والشعوب الإسلامية غير العربية حليف قوي لنا في مواقفنا , وهذا يتطلب من شعوبنا وضع إستراتيجية منفتحة وطموحة لتكوين صيغة مقبولة للتعاون المشترك بين دول هذه المنطقة ..

 

( الزيارات : 965 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *