مصادر افكارنا.

كلمات مضيئة..مصادر افكارنا

تأملت طويلا فيما نفكر فيه , ومن اين تاتينا تلك الافكار , وهل يمكننا ان نثق بافكارنا على انها الصواب , عالم الافكار عالم واسع ومتعدد ومتجدد , وما نفكر فيه لا يخرج عما هو موجود فى داخلنا , ما هو موجود هو الذى يخرج الى الخارج وهو الذي يميز بعضنا عن البعض الاخر , ما نراه وما نسمعه هو الذى يحظى باهتمامنا اولا , ذكريات الطفولة هي المصدر الاهم الذى نستمد منه افكارنا , وبخاصة تلك الذكريات التى لا تنسى , بعد حين عندما نكبر نسترد ما فى داخلنا لكي نعبر عنه , بكلمة نقولها او بكلمة نكتبها , اهم ذلك المخزون هو ذكريات الالم والمعاناة , تلك ذكريات لا تموت فى داخلنا , فى كل مناسبة نتذكر ماكان يؤلمنا , عندما يكون الانسان فى السجن فمن الطبيعى ان يعبر عن ذكريات الالم والمعاناة والوحدة , ومن الطبيعى ان يكون فكره مليئا بالالم والشعور بالتشاؤم وخيبات الامل , لا احد يمكنه ان يفكر بشيء لا وجود له فى ذاكرته , احيانا يتخيل شيئا لا وجود له , ولكن ذلك مجرد لحظة عابرة , اهم ما نفكر فيه هو قضايانا واهتماماتنا , القضية واحدة ولكن ما فى الذاكرة ليس واحدا وكل واحد منا يعبر عما فى داخله سواء تذكره او كان خافيا فى لا وعيه  , الرحمة والقسوة ليست مواقف ذات طبيعة فطرية فى الانسان ,  , وانما هي ذات خلفيات تاريخية , وكلما اشتد الالم كان تاثيره فى الفكر اشد وضوحا , الحياة الخالية من الالم تنمى استعدادات اقل انفعالا , وقلما تولد افكارا ابداعية , الفكرة التى لا اساس لها فى الواقع قد تكون ساذجة وغير واقعية وقد تكون مثالية , ونلاحظ من الناحية الواقعية ان اصحاب العاهات والاعاقات والقصور البدنى هم اكثر قدرة على التامل والتفكير والابداع فيما اتجهوا اليه  , الافكار تحتاج الى وقود من التجربة الواقعية , لانها تمدهم بافكار جديدة هي وليدة ما يشعرون به , معظم افكارنا متأثرة بواقعنا تاييدا له اونقدا  , ونلاحظ ان المبدعين فى افكارهم هم اقل مثالية واكثر واقعية , وهذا يقودنا الى ترجيح ان العوامل الاقتصادية القاسية  تؤثر فى تكوين فكر  يهتم بالاصلاح الاجتماعى ويرفع شعار العدالة فى توزيع الثروة ,  ومن يعيش فى مجتمع القمع السياسي وفى مجتمع الاستبداد فان معظم افكاره تتجه لقضايا الحرية والاصلاح السياسي , وفى مجتمع الكبت باسم الدين ترتفع شعارات الاصلاح الدينى , الافكار عي وليدة التصورات المختزنة فى الذاكرة قديمها وحديثها ,  وكلما اتسعت تجربتنا كانت افكارنا اكثر سعة وقبولا للاخر ولو كان مخالفا , فى مجتمع التعدد يكون التسامح فضيلة,  وفى مجتمع منغلق على نفسه يكون التعصب وكراهية الاخراكثر وضوحا  ,  عندما نقرا تراث كل جيل نكتشف واقعه من افكاره , فالفكر يدل على مجتمعه , وكل مجتمع ينتج فكره مما هو فى الواقع , ولا يمكن للافكار ان تكبر الا ان يكون لها واقع وان تكون مستمدة من ذلك الواقع , هناك افكار ليست واقعية و  والسبب فى ذلك انها  ليست مستمدة من الواقع وهي مجرد امنيات مثالية وهذه سرعان ما تضعف وتتراجع لان المجتمع لا يراها ممكنة ولا واقعية , مهمة الثقافة انا تنمي قدرات الانسان على الفهم ولهذا فان الافكار الساذجة تنمو بسرعة لدى الطبقة الاقل ثقافة التى يسهل التاثير فيها,  والتحكم فى قناعاتها , وهؤلاء يفترضون بحكم جهلهم ان كل ما يتمنون من اليسير ان يكون , وهذا يدفعنا للتاكيد على اهمية التربية فى تكوين منهجيات عاقلة تحسن التأمل والتفكير بعيدا عن اسلوب الانفعالات العاطفية , ولهذا فان الافكار غير الواقعية التى لا تعتمد على اصل من الواقع سرعان تفشل فى اول مواجهة مع الواقع , وهذا يدفعنا للتامل فى كل دعوة للاصلاح ان تكون ذات طبيعة عقلانية مقنعة وذات منهج واضح وله مصداقية ويقوم على اسس ممكنة ..

( الزيارات : 665 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *