مفهوم الدولة خيار حضاري.

كلمات مضيئة ..مفهوم الدولة خيار حضارى

عندما اتامل فى مجتمعنا العربيى المعاصر  تلفت نظرى ظاهرة اجتماعية  نراها فى مجتمعنا و كنت احاول ان اتامل فيها طويلا لكي افهم اسبابها المنطقية , احيانا اجد الجواب سريعا واحيانا لا اجد الجواب,  وتظل الفكرة تراودنى وتلح علي , الى ان اجد لها جوابا او تفسيرا , ومن الظواهر التى كنت اتساءل عنها وكل مواطن عربى يتساءل نفس السؤال , وهي ظاهرة التفرقة والخلافات والمنازعات والانقسامات التى نراها اليوم فى الوطن العربي , كنت اتساءل:  لماذا استطاعت معظم الشعوب ان تقيم دولة متماسكة واحيانا تضم تلك الدولة مجموعة قوميات ذات ثقافات مختلفة ولغات متعددة , ونحن فى الوطن العربي ما زلنا تشغلنا الخلافات وتكثر فى مجتمعاتنا المنازعات واحيانا تكون هناك تصدعات داخل الدولة الواحدة بالرغم من العلاقات الاخوية والعلاقات التاريخية  التى تجمع الجار الى جاره , ما زالت الدولة عاجزة عن جمع تلك المكونات فى وطن واحد متماسك فى دولة قوية تبنى مجتمعها وتنهض به , متى يكون مجتمعنا العربي الواحد الذى يملك كل مقومات الوحدة فى اللغة والثقافة والتاريخ المشترك والدين والمصالح المشتركة , متى يكون قادرا على تكوين دولة هي الوطن لكل مواطن في تلك الدولة , لما ذا عجزنا عن تحقيق ذلك , ما زلنا نشعر بتصدعات مخيفة تهدد وحدة هذه الدول فى الوقت الذى نرى قيام كيانات متباعدة ومع ذلك تحاول ان تتقارب للدفاع عن مصالحها , كان يمكن للجامعة العربية ان تكون جامعة لما تفرق من دولنا ومع ذلك نراها اضعف الكيانات واكثرها عجزا عن القيام باي خطوة لمنع هذا التصدع الذى نراه اليوم , فى كل يوم تنحل عقدة وتتفكك رابطة واخرها مجلس التعاون الخليجى بين دول تربطها اواصر القربى والعلاقات القبلية والعلاقات الاسرية , واصبح باسها فيما بينها شديدا  , لا فائدة من التنديد بما نراه فليس هذا من امرنا ولا من اختصاصنا ,  وانما نحتاج الى فهم منطقى والى تعليل واقعي يفسر لنا مانراه , تذكرت وانا اتأمل كلمة لابن خلدون فى الصفحة 290 من مقدمته :

الاوطان الكثيفة القبائل والعصائب قل ان تستحكم فيها دولة , والسبب فى ذلك اختلاف الاراء والاهواء , وان وراء كل رأي منها وهوى عصبية تمانع دونها , فيكثر الانتفاض على الدولة والخروج عليها فى كل وقت , /

تأملت فى هذه الكلمة وتساءلت هل يعانى مجتمعنا العربي من هذه الظاهرة , وهل هذا هو السبب فى كثرة الخلافات والاهواء , هناك دول اكثر من دولنا فى كثرة قبائلها وتعدد عصبياتها ومع ذلك فهي متماسكة والدولة جامعة لكل مكوناتها , المشكلة ان هذه القبائل والطوائف والزعامات لم تؤمن بعد بفكرة الدولة وما زالت تفكر بعقلية القبيلة الاكبر التى تغالب القبيلة الاخرى التى تراها اقل مكانة وقوة , ما زلنا نؤمن ان الدولة بالتغلب واداة التغلب على الاخرين هو العصبية والقبيلة , تاملت فى ظاهرة الاحياء القديمة التى تتحكم فيها العوائل الكبيرة وتتنازع فيما بينها على الزعامة في ذلك الحي , عندما تنحل القبائل ويضعف نفوذها وتعمل تحت مظلة الدولة تصبح الدولة هي الجامعة والكل سواء في تلك الدولة , لا فرق بين قبيلة واخرى فى ظل الدولة والوطن , المشكلة ثقافية وهي ثقافة وحضارة ورقي فى الانتقال من مفهوم القبيلة الى مفهوم الدولة  , ما زال مجتمعنا لم يدرك معنى الدولة والكل يريد ان تكون الدولة له , لكل قبيلة زعيمها ولكل طائفة من يمثلها من قادتها وفى ظل هذاالواقع  تضعف الدولة فلا احد يخضع للدولة لانه يرى انه هو الدولة وعندما لا يستجاب له يرفع راية العصيان ويتمرد على الدولة,  وهكذا تتفكك الدولة , الدولة هي ثمرة نضج سياسي وفهم اوسع ورغبة فى تكوين كيان جامع يضم الجميع ولا يمكن للقبيلة ان تكون اكبر من الدولة ولا ان تكون وصية على الدولة , ويجب على كل قبيلة ان تتنازل عن جزء من سلطتها للدولة التى تضم الجميع , وتحمى الجميع فى ظل دستور يكفل حقوق الجميع وقانون يحمي تلك الحقوق , هل يحتاج عالمنا العربى الى ثقافة اكثر فهما لمعنى الدولة الجامعة لكل مواطنيها , دولة القبيلة لا يمكنها ان تدوم لان القبائل الاخرى سوف تتصدى لدولة القبيلة عن طريق القوة والمغالبة الحتمية بين القبائل المتطلعة الى السلطة , نحتاج الى تربية اعمق ترسخ مفهوم الدولة والوطن , وان يشارك المواطن فى بناء تلك الدولة باختياره , الدولة هي التى تتحكم فيها مؤسسات الدولة وتحافظ علي استمرارها ,  اماالدولة التى تتحكم فيها عقلية القبيلة فمن الصعب ان تفهم معنى الدولة الا اذاا تحررت من مفهوم التغلب والقهر , عندما نبنى الدولة فيجب ان نلتزم بمعايير الدولة وان تحترم فيها مفاهيم الدولة الجامعة التى تحترم كل مواطنيها من غير تمييز , عندما يشعر كل مواطن بمكانته فى الدولة فانه سيسعى لدعم تلك الدولة وسوف يسهم فى الدفاع عنها وسوف يتصدى لكل من يهدد امنها واستقرارها ..

( الزيارات : 985 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *