من الكويت الى المغرب..الرحلة المغربية

من الكويت إلى المغرب

اتصل بي مدير الديوان الأميري في الكويت السيد محمد درويش العرادي وطلب مني أن أزوره فى مكتبه ، ولما التقيته أخبرني أن ملك المغرب أرسل رسالة إلى سمو الأمير يخبره فيها أنه قد رشحك لإدارة دار الحديث الحسنية ويطلب من الأمير أن يأذن لك في ذلك، وقد وافق الأمير على طلب الملك، وقرر الأمير أن أذهب منتدباً من الكويت إلى المغرب واحتفظ بمنصبي في الجامعة لمدة ثلاث سنوات، وأعود بعد انتهاء المدة لمباشرة عملي في الكويت، وقد أراحني هذا القرار وكان جيداً، لأنه أتاح لي العودة عندما أريد ..

وقد أصدر الأمير قرار الإيفاد، و بدأت أعدّ نفسي للسفر إلى المغرب، و بعد أيام زار مدير الديوان الملكي فى المغرب السيد أحمد بنسوده الكويت واستقبله الأمير، ولما عاد إلى الفندق اتصل بي وقمت بزيارته وأخبرني أن الأمير وافق على  طلب جلالة الملك على انتدابي للمغرب، و أعطى تصريحاً لجريدة الرأي العام، شكر فيه سمو الأمير على موافقته على انتدابي للمغرب، وأشار بالعلاقات المتميزة بين البلدين، ونشرت جريدة الرأي العام تصريح السيد بنسوده واهتم الديوان الأميري بالأمر وطلب مني الإسراع في السفر وأخبرني مدير الديوان أنني سأحمل رسالة من الأمير إلى جلالة الملك ..

ولما التقيت السيد أحمد بنسوده شعر بترددى , ولما سألني عن سبب ذلك صارحته بما كان يقلقني، وكنت أدرك أن المهمة صعبة، وأن هذا المنصب يتطلع إليه الكثير من الشخصيات المغربية، وهو منصب علمي رفيع، وأنا لست مغربياً، وسأتعامل مع إدارة مغربية، ولا أعرف أحداً في هذه الإدارة، وهناك من سيضيق بهذا الأمر، وهذا أمر طبيعي و حتمي …   

وحاول الأستاذ بنسوده التخفيف من مشاعر القلق لدي، وأكد لي أن الملك سيقف إلى جانبي في هذه المهمة، وأن المغاربة يحترمون قرار الملك ويثقون بكل اختياراته، وشجعني كثيراً …

وفي مطار الكويت وقف مسؤول في الديوان الأميري ومستشار السفارة المغربية وعدد من الزملاء في الجامعة يودعونني في رحلتي من الخليج إلى شواطئ المحيط الأطلسي، وكانت رحلة طويلة، وكنت أحسب أنني سأعود إلى الكويت، ولكنني لم أعد إلى الكويت مرة ثانية إلا بعد عشرين عاماً من هذا التاريخ، وزرتها للمشاركة في أحد المؤتمرات العلمية وقد تغير كل شيء في الكويت ورأيت ملامح كويت جديد لم أعهده من قبل …

وبعد ثلاث سنوات انتهت مدة الانتداب الرسمي واستأذنت الملك أن أعود إلى الكويت، ومازلت أستاذاً في جامعتها، ومازالت داري جاهزة لاستقبالي، ولكن الملك لم يأذن لي بالعودة، وقال لي لم تنته مهمتك بعد، وقد اجتزت المرحلة الصعبة بنجاح، والآن بدأت مهمتك الحقيقية، ونحن نحبك ونحرص على استمرارك بيننا، فإن أحببت المغرب ورغبت أن تبقى فيه في رعاية وتكريم فهذا هو أملنا فيك، وإن زهدت فينا فهذا خيارك … وقد اخترت المغرب وقدمت استقالتي لجامعة الكويت، وشكرت سمو أمير الكويت، وبذلك انتهت صفحة الكويت في حياتي، وما زلت أحمل في نفسي أجمل مشاعر التقدير لهذا البلد الذي يستحق مني الوفاء .     

 

( الزيارات : 904 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *