من هم علماء السوء

علماء السوء:

وكان يحذر من علماء السوء الذين يسخرون علمهم وذكاءهم لتحقيق مصالحهم الشخصية وطموحاتهم المادية، فيفرطون في كرامة العلم ويتملقون الحكام ويبررون المظالم في المجتمع، ويضللون العامة باسم الدين، والدين منهم براء، وكان يلتمس العذر لكل المخطئين، إلا أنه لا يلتمس العذر لعلماء السوء لأنهم يجهلون أنهم يجهلون وجهلهم أخطر على المجتمع من جهل العامة، فالعامة يعلمون أنهم يجهلون ويبحثون عن الحق لدى من يدرك الحق، أما علماء السوء فهم جاهلون بحقيقة الدين، تحركهم الأهواء والشهوات والمطامع، ويسكتون عن كلمة الحق وهم يعلمون، بل يدافعون أحياناً عن الباطل والظلم.

والمراد بعلماء السوء هم الذين لا يلتزمون بأخلاقية العلم وما يتطلبه العلم من وجوب الدفاع عن قيم الفضيلة في المجتمع ومواجهة الباطل بإلتزام الحق وبيان حكم الشرع، ومن علامات علماء السوء أنهم يحبون الدنيا ويتمسكون بها ويطمعون في المال والجاه والمناصب فيفرطون في حقوق الله عليهم، بالسكوت عن الباطل أو بتبريره باسم التسامح. والعامة تدرك بفطرتها الصافية الصادق من غير الصادق من العلماء، وتعرف علماء السوء الذين تنقبض القلوب لما يقولون، ويعبر ظاهرهم عن سوء باطنهم وما تنطوي نفوسهم من تعلق بالدنيا وطمع في متاعها، وعلماء السوء يسيئون للإسلام ويسيئون لمكانة العلماء في المجتمع، وسرعان ما ينكشف أمرهم ويفقد العامة الثقة بهم.

العالم رمز للحق:

والعالم في نظره هو رمز للحق يدافع عنه، ورمز للفضيلة يتمسك بها، ومهمته في المجتمع أن يطارد الظلام فهو كالسراج في الليل يضيء الدروب، وينصح ويعلم ويربي، ويمسح دموع المستضعفين ويساعدهم ويمد يده إليهم، ويقف في الضفة التي يقفون عليها يؤازرهم ويدافع عنهم ويشعرهم بإنسانيتهم والعالم لا يستمد قوته من حفظه للأحكام ولا من سعة ثقافته ولا من عدد كتبه ومؤلفاته ولا من بلاغة أسلوبه في التعبير، إنما يستمد قوته من تمسكه بالحق ودفاعه عنه، ومن رعايته لحقوق الله فيما يقول ومن إخلاصه الذي تفتح القلوب له لكي تزهر كلماته في القلوب فتوقظ المعاني الإيمانية في كيانه ويستشعر عظمة الله تعالى ومراقبته له، في كل حين.

وكان يحذر من الغفلة التي يولدها الغرور في نفسية العلماء فيشعرون أنهم الأفضل في المجتمع، وأنهم رموز الهداية ويمنون على الله بما يفعلون، فيحجبهم علمهم عن معرفة الله وتظلم نفوسهم بسبب تلك الغفلة، فلا تصل كلمتهم إلى قلوب العامة.

وإذا تحدث عن العلم أشاد بأهميته وأن العلم الحقيقي هو الذي يقودك إلى المعلوم ويعرفك بالله تعالى، ولا خير في علم لا يقودك إلى الله.

هذا هو العلم في مفهوم الشيخ رحمه الله وهذا هو موقفه منه وهو موقف يعبر عن سمو رؤيته لدور العلماء في المجتمع، إذا أكرم العالم علمه أكرمه علمه ورفع من مكانته في القلوب، وإذا أراد علمه لكسب مادي أو لمنصب معاشي فمثله في ذلك كمثل كل الأعمال التي ترتجى منها ثمراتها المادية كالتجارة والفلاحة والصناعة، ويفقد بذلك العلم مكانته وتهبط مكانة العلماء في المجتمع.

( الزيارات : 1٬217 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *