نفحات روحية ..مراتب المعرفة

نفحات روحية..
من تكريم الله تعالى للانسان ان ميزه وشرفه بقدرته على التمييز والمعرفة , والمعرفة اشمل من العلم واوسع دلالة , والناس ليسوا سواء في مدى قدرتهم على المعرفة , وسبيل المعرفة متعدد ومختلف ,
الطريق الاول : المعرفة عن طريق الوحي والنبوة , وهذه خاصة بالانبياء , ولا يمكن لاحد ان يدعيها لنفسه , وما ثبت عن طريق الوحي هو اليقين الذى لا مجال لتجاوزه ومهمة الانسان هو حسن الفهم لما خوطب به , وهذه مسؤولية كبيرة تتطلب التقوى وحسن الفهم وعدم الاستسلام للاهواء الشخصية , ولا ينسب اليها ماليس منها من المفاهيم, والتفسير متعدد ومتجدد ولانهاية له , وكل باحث عن الحق فله حق الفهم لانه مخاطب بالنص , وهذا هو الادب مع الله تعالى ..
الطريق الثانى : المعرفة الالهامية التى اختص الله بها الصالحين المخلصين من عباده , وطريق هذه المعرفة هو القلب النظيف الذي اتجه الى الله تعالى بصدق , ويفيض الله على الصالحين من انواع المعارف والافهام ما يتجاوز حدود العلم مما ليس في الكتب , وهذه المعرفة ليست يقينية , وهناك من يتوهمها وقد يدعيها من ليس اهلا لها , وهناك من توهمها وانحرف بسبب سيطره اهوائه عليه , واهل هذه المعرفة هم قلة من الصادقين , ومن ابرز دلالاتها انها يختص بها اهل التقوى والاستقامة ولا تكون لغيرهم ابدا , ادعياء هذه المرتبة كثر , وهناك من يتوهمها او يدعيها , والمعيار الاصح لها انها تعرف باستقامة اصحابها من المعرضين عن الدنيا والمقبلين على الله بصدق, اهل هذه المعرفة اكثر ادبا وخلقا ورحمة ومحبة من كل الاخرين , والقلب هو مراة هذه المعرفة وتنطبع فيه صورة الحق كما ارادها الله , هؤلاء ليسوا اهل دنيا ولا تعصب ولا يعرفون الاحقاد ولا الاطماع , وهم اهل تقوى ودين , ادعياء هذه المرتبة كثر فى كل عصر , وهم يسيئون ويشوهون هذه المرتبة بجهلهم , ويتقربون الى الخلق بادعائهم الاحوال الروحية المتكلفة ,
الطريق الثالث: طريق المعرفة الاستدلالية , واداتها العقل واستعمال الحجج والاعتماد على القرائن , والعقول ليست واحدة وما تتوصل اليه ليس واحدا ولا ثابتا ولا مؤكدا , ويلتمس العذر لهؤلاء فيما توصلوا اليه لانهم باحثون عن الحق , وكل باحث عن الحق فله حظ من الحق ولوقليلا , والمعرفة الاستدلالية ارسخ واقوى من المعرفة الاهامية لوجود الحجة والقرينة , ولا ينتقد الانسان فيما توصل اليه , يناقش من اهل الاختصاص وليس من العامة , وجهلة العلم يقاومون اهل الاستدلال ويتهمونهم بالمروق وقلة الدين والتقى والورع , ولا عبرة برأي علماء العامة الذين يسيئون للعلم واهله , لا احد ابعد عن الحق من الجاهلين به , الذين يضيقون الخناق على اهل الراي والاستدلال , قد يخطئ هؤلاء ولكنهم معذورون لانهم اهل حجة ومنطق , وخطأ هؤلاء اقل خطرا من ادعاء المعرفة الالهامية من الجهلة وادعياء الاحوال الروحية , ولا عذر لهولاء الا اذا كانوا من اهل العلم , اما الجهلة فلا يوثق بما يدعون , وعوام الناس اهل تقليد لاهل العلم فان قلدوا الجهلة فلا عذر لهم فيما يفعلون..
( الزيارات : 1٬127 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *