نفحات روحية..

نفحات روحية..
لو تأملنا فى الانسان لوجدنا فيه شيئا ظاهرا ومدركا بالحواس وهو البدن , وهناك شيء أخر لا يدرك بالحواس ولا صلة له بالابدان , ولا تستقيم الحياة الا به , وهو القوة النفسية والغريزية , وما هو خارج عن سيطرة الابدان والحواس الظاهرة , ولا يمكن لاحد ان ينكر ذلك , وعندما نتحدث عن طهارة الابدان فاننا نريد بذلك طهارتها من النجاسات الظاهرة , اما النفوس فلها طهارة اخرى , ويراد بها طهارتها من كل مالايليق بالانسان الذى اكرمه الله بخلافته فى الارض لكي يعمرها بما يريده الله منه عدالة وامنا وسلاما , ولقد اهتم الفقهاء بالطهارات الظاهرة وتكلموا كثيرا عن الطهارات كالوضوء والغسل والتيمم , وبينوا احكام ذلك بتفصيل , ولم تتحدث كتب الفقه عن طهارة النفوس , وهي الاهم بالنسبة للانسان لكي يكون ارقى واسمى خلقا وسلوكا , لقد عكفنا فى مؤسساتنا العلمية على تدريس الاحكام وتجاهلنا ما هو اهم وهو التربية والتكوين الاخلاقى والروحي , واعتبرنا ذلك من الاهتمامات السطحية وتجاوزتها المعاهد العلمية , وبسبب ذلك اعددنا جيلا من العلماء يفتقدون المصداقية والتأثيرفى مجتمعهم وكانوا ابعد ما يكونون عن الاستقامة والصدق , وكان الجهل اولا والتطرف ثانيا وكانت الاساءات لصورة الاسلام كفكر وثقافة , ولكي تسوس الناس وتؤثر فيهم يجب ان تسوس نفيسك اولا وتكون قدوة لغيرك , فلا تأمر بشيء وانت لاتفعله ولاتنهى عن فعل وانت تقوم به ,
وطهارة النفوي هي الطريق الى مكارم الاخلاق فلامصداقية لعالم او ناصح او قائد او مربى او معلم اذا لم يكن ممسكا بزمام نفسه فلايفعل ما يخجل منه من افعال النقصان , الدين يدعوك الى الكمال وماليس من الكمال فليس من الدين , كل افعال الظلم والعدوان ليست من الدين , والعدوان على الاخرين فى اي حق من حقوقهم الانسانية واموالهم وحرياتهم هو ظلم ولا يمكن ان يقره الدين , النفوس ليست هي الاجسام , وعندما لا نهتم بتربية النفوس فاننا نترك القوى البدنية بغير قيود ولا ضوابط وهي كالانعام التى لا تفقه ولا تتوقف عما تريد فعله , مهمة التربية الروحية ان تجعل الانسان اكثر رقيا فى سلوكه واكثر رحمة بالمستضعفين واكثر تواضعا ولو ملك القوة واقل قسوة لا ينتقم اذا غضب ولا يكذب اذا تكلم ولا يكون عاقا ولا شريرا , الاسلام ليس مجرد كلمة تقال وانما هو ايمان والتزام وخضوع لله ولا حدود للعمل الصالح , الاحسان لكل الاخرين من علامة الايمان الصادق , الايمان يمنحك الطمانينة والسكون القلبى , دعونا نتوقف عن رواية الشطحات والانزلاقات التى ارتبطت بالتربية الروحية من سلوكيات لا اصل لها فى الدين ولا تقرها العقول وتأباها الفطرة , التربية الروحية هي الركن الاهم فى كيان الشخصية الاسلامية , الاحكام وحدها لا تكفى لانها لاتخاطب الوجدان والضمير , القلوب الطاهرة تحتاج الى تغذية دائمة وتحتاج الى عاملين مجاهدات صادقة لكف النفوس عن شهواتها واهوائها ومصادقة الصادقين الذين يوقظون القلوب بالكلمة الطيبة التى يحبها الله , عندما يشتد الجهل بحقيقة الدين وننصرف الى الخلافات التى تعبر عن رغبة النفوس فى استمالة العوام بمزيد من ثقافة الشطحات والحكايات والتعصب الجاهل الذى يبعد صاحبه عن ادب الاسلام واخلاقياته , ما احوجنا الى فهم اصيل لحقيقة الدين ورسالته , دعونا نهتم بتربية الانسان اولا لكي يحمل رسالة العلم ويكون قدوة يقتدى بها ومبشرا بمجتمع يتميز باستقامته واخلاقياته وانسانيته..
( الزيارات : 1٬012 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *