الامن الثقافى والتعايش الوطنى

 

 

 

 

 

 

كلمات مضيئة..الامن الثقافى والتعايش الوطنى

 

 

 مازالت كلمة الامن الثقافى تتردد فى ذاكرتى منذ ان كتبت عنه منذ اكثر من ثلاثين عاما , عندما اتذكر ذلك اقول لقد كنا نحلم , ربما كنا نملك الكثير من الامال والتفاؤل , لم نكن اغبياء عندما كنا نحلم بالافضل , اليوم لم نعد نحلم وعندما نحلم نتكلف او نتظاهر به لارضاء غرورنا  , عندما كتبت عن الامن الثقافى كنت اؤمن باهمية الامن الثقافى وهو اكثر اهمية من الامن العسكرى وامن السلاح , نحن اليوم نملك اكثر مما كنا نملكه من قبل من امن القوة , اجهزتنا الامنية هي الاقوى فى العالم والاشد قسوة , انها تقتحم كل الحصون الامنة التى تضم اولئك المتستضعفين من ابناء شعبنا فى الاحياء الشعبية واصحاب الكلمة الحرة الصادقة   , انهم يزرعون الخوف فى كل مكان , كنا نبحث عما يجمعنا واليوم نبحث عما يفرقنا ونتفاخر بذلك  , الثقافة هي العامل الاهم الذى يجمع كل شعبنا فى ظل ثقافة اسلامية جمعت فى الماضى  قوميات كانت متنافرة متحاربة متباغضبة فاصحت ثقافتنا اليوم ثقافة اعلام امسك به رموز مشبوهة يتصارعون ويتشاتمون ويرفعون شعارات لم نكن نعرفها من قبل , رفعت المنظمة العربية للثقافة  شعار الامن الثقافى واعتبرته الاهم الذى  يجب الاهتمام به , اهم مقومات الامة ان تكون ذات ثراث ثقافى يجمعها وذات تاريخ مشترك من الذكريات , كانت اللغة العربية جامعة وكانت ثقافة الاسلام تؤدى دورها فى التقارب العاطفى والفكرى , كان المسيحيون العرب يعرفون عن الثقافة الاسلامية الكثير ويفخرون بها , كانت لفظة الامة تجمع دولا, شعبنا لم يكن يعجبه ذلك التقسيم الذى فرضه الاستعمار على امتنا لكي يكون التغالب والتنافس والاختلاف والتنازع , كانت هناك مواثيق شرف وهي اقوى من كل المعاهدات  تتوقف عندها الخلافات ولا تتجاوزها وكان الكل يؤمن بوحدة هذه الامة ,  كانت هناك معاهدة الدفاع العربي , كل ثورات التحرير فى العالم العربي كانت ثورات وطنية وقومية , مائة عام كانت قاسية وتحرر الوطن العربي  ولكن القرار العربي لم يتحرر مازالت التدخلات اليوم اقوى مما كانت وبطريقة مكشوفة ومفضوحة , خرج المستعمر وترك تراثا ثقيلا من اثاره , كان لابد الا ان تكون البدايات صحيحة ولكنها لم تكن  , لم تتحرر ثقافتنا من فكرة القبيلة فى مفهوم الدولة  , الوطن ليس ملكية لاحد , الوطن لكل مواطنيه , لا احد اولى من احد بالوصاية على الوطن , كانت ثقافتنا هي وليدة واقعنا وكان اعلامنا هو اداة الحكام لتبرير سياساتهم , رموز الثقافة كانوا ادوات لتلميع الواقع كما هو , الدستور والقانون والاخلاق والدين والرأي العام  كلهم مجندون , وبقي المواطن وحيدا مستضعفا محروما من كل حقوق المواطنة , لم يعد المواطن اليوم  كما كان فى الماضى لا يعلم اي شيء عما يجرى حوله , اذا ارتقت الثقافة نهضت بمجتمعاتها الى الافضل , نحتاج الى دولة عصرية يشعر فيها المواطن بالكرامة و ونحتاج الى ثقافة ترتقى بالمواطن لكي يمارس حريته بطريقة صحيحة , الحرية لاتعنى الفوضى ولا ان تسيء لكل الاخرين ولا ان تتعصب لما تنتمى اليه ولا ان تكره كل الاخرين , التعايش منهج حضارى ومقاومة الفساد منهج صحيح , والحوار هم سبيلنا للتعاون فى حل المشكلات , العنف ليس هو الطريق , القوة اذا لم تكن عادلة فلا يمكن لها ان تحقق الاستقرار , الاصالة لا تعنى ان ترفض ماهو ضرورى  من الاصلاحات التى تحقق العدالة فى النظام الاجتماعي  , والدين لا يعنى الانغلاق ولا التطرف ولا كراهية الاخرين , العلماء مؤتمنون على الحق فان لم يفعلوا فليسوا علماء العالم مؤتمن على ما يقول  , الاخلاق ليس هروبا ولا انعزالا  , الامن الثقافى ليس ان تنشئ المزيد من المدارس والجامعات وانما ان تجعل المواطن اكثر وعيا وفهما واحسن اختيارا وقرارا , عندما نؤمن ان الثقافة هي ركن هام فى تكوين امن مجتمعنا واستقراره ورقيه فسوف ننشئ مؤسسات الثقافة لكي تهتم بتكوين الانسان اولا, المثقف فى مجتمه قيادة ثقافية مؤثرة بشرط ان يكون مؤهلا لمسؤولياته وان يكون اداة التنوير والتوجيه , التغيير حتمى ولا بد منه فاذا اخترنا له مساراته الصحيحة كان تغييرا الى الافضل , واذا تركناه للاهواء الشخصية ويتحكم فيه الطامحون فمن المؤكد انه سيكون خطير الاثار ضارا ومنحرفا , ليس هناك بناء يرتفع صدفة , ولا  تستقيم  اعمدته الا بجهد عاقل مدروس , الثقافة امان من الفوضى , لا يجب ان نخاف من الثقافة والعلم وانما يجب ان نخاف من الجهل , وعندما نهمل الثقافة ونجعل المثقف يبرر الظلم ويسهم فى  التجهيل  فيجب ان نتوقع الكثير من الازمات والتوترات والثورات ..

( الزيارات : 703 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *